14‏/11‏/2012

موت، وحُب، وَسعادة...


موت، وحُب، وَسعادة...


ما كانَ يحصُل بيني و بين نفسي عندما علمتُ بموتِه هُو شعوري بالحرية قبلَ أن أشعُر بالحُزن أو الألم، حُريتي لم تكُن مرتبطة بحياتِه، لكِنَهُ كانَ يَضعُ مساميراً وبعضاً من الأشواكِ في الطريق المؤدي لاكتِشافِ ذاتي، لم يكتَفِ بذلك فوضَعَ بعض ثمارِ العلقم فيما أشرب ولعنَ نظراتي في المرآة. نعم لقد كانَ سجّاني، وحبيبي، وكارِهي. لن أبكيهِ بل سأبكي سنينَ الخضوع لما كانَ يقول ويدّس لي مِن تسوس في دِماغي، تعالي معي يا نشوتي؛ دعينا نرقُص على قبرِه ونزرَع اقحوانةً و أنيناً على تربة قبرِه التي أحرقتها شَمسُ الحقيقة وسقَتها دموع من زال يُحبه، نعم لن أفتقدك، ولن ابكِ عليك، ولن أرسُمكَ على جُدرانِ غرفِ عقلي، فوداعاً أيُها "الخوف" شَمسُكَ لن تُشرِق بعدَ الظلام؛ أنهارُك لن تسقِ أرضي حتى لو استهلكتُ آخر نجماتِ السماء سماداً...
تعالَ يا حُبي الجديد يا مَن لعنوكَ عني منذُ وِلادتنا سوياً؛ ورسموكَ بأقبَحِ الألوان، ووضعوكَ تحتَ شمسٍ لتحرِقَ وجودك، لكن بينَ الحينِ و الآخر كُنتُ أشعُر بِكَ تُنادي، في خيالاتي؛ وفي أحلامي؛ وفي فراغاتِ وجداني، خوفي مِنكَ كانَ يُصَيِّرُ لي ذاتَكَ بهالاتٍ من ضوءِ قمرٍ شاحِبٍ من مجرةٍ لم يرها البَشرُ بعد، يبتليني بداء كُرهِكَ الذي اصبَحَ آيةً أرتِلها قبل النوم، لتبتعدَ عني كُل أحلامِ الحرية، الحُرية بأن أكونَ ذاتي، و أن أتحدَث بما أفكِر، وليسَ ذلِكَ الدُمية الذي لم يرتقِ إلى أن يكونَ إنساناً، صُنِعَ لمواجهة عالمٍ لا يُحِبُ خيباتِ الأمل ودائماً ما يَتوقعُ من الآخرين ما يُريد أن يرى هُوَ، ضارِباً بعُرضِ الحائط كُل التعدُدية و الكينونات الإنسانية...
نَعم لقد أصبحنا سِلعاً معروضة للبيعِ في مُتحفٍ ساديٍ لِلعوام، تُزينهُ أشجارٌ سقتها ذكرياتُنا ورغَباتُنا المكبوتة، التي لوَثت أرواحنا التائهة في ضباب الغدر الذي يلعب على هضاب الخدر، نَعم نَحنُ تائِهون، نبحثً عن قلوبٍ غارقة في بحرِ السُكون، وعن مواويل وأغانٍ لِتُرطِب لنا فضاءاتِ خيالاتِنا الحالمة بفُرصٍ أخرى في عالمٍ آخر، ليسَ لهُ حد ولا تُؤطِرُهُ سماءٌ قَد يَصبِغُها البعض على حسبِ ما يشاء وَيَهوى، فالغَدُ، والأمنياتُ، والحب هُم لنا، وما ذهبَ باحِثاً عن حبيباتِ الضوء لن يعودَ له مكانٌ في عُرسِ أمنياتي التي تستلطِفُ مجاعاتِ حُبي لك، الذي أحياني من جديد على أصواتِ خيوطِ شمسِكَ التي أحيَت عالمي...

08‏/11‏/2012

اغتِصاب مُنذُ الوِلادة


اغتِصاب مُنذُ الوِلادة



تمُرُ  في حياتِنا ككُلَّ يوم تفاصيل صَغيرة لا نأبه لوجودِها أو مرورِنا بِها، مما يجعل من الحياة أسهل و أسلسَ للعيش، ولكن هذا ليسَ بخيارٍ عندَ صديقي "ي" فهُوَ تعلمَ الدرس مُنذ نعومةِ أظافرهِ. فبدأ بقوله لي: "شو كان قدامي خيارات! ما كنت طفل ما بعرف شي بحياتي لسا."؛ كُنا جالسين على أحد مقاعد الحديقة العامة، وأحاوِلُ أن جعلهُ يرتاح في كلامه و يفتَح قلبهُ لي فالثقة لم تعد ميزة ليتمتع بها مع أيّ شخص حتى لو كانَ يعرفهُ مُسبقاً.
بدأ بقولِه: "كُنتُ في سِنِ الحادية عشر، وكانَ بيتُنا في حالة يُرثى لها، أراد أبي أن يقومَ بِبعض أعمال التصليح فيه، فانتقلنا إلى شقةٍ كانَ قد استأجرها لنا ريثما تتم عمليات التصليح في المنزل، كانت الشقة صغيرة نسبياً، ولحُسنِ الحظ – كما اعتقد حينها – لم يَكن يوجد سوى أنا و أخي الكبير، فأختي قد تزوجت منذ فترة ليست بالطويلة. اخذ أبي و أمي الغرفة الكبيرة، وأعطيانا الغرفة الصغيرة، كانَ ابي يأتي في كُل ليلة ليتفقدنا ونحنُ نائِمان، ولكنهُ بعدَ فترة لم يَعُد يأتي بسببِ تَعبِهِ من مراقبة العُمال ز الذهاب من هنا إلى هُناك، في ليلةٍ لم أعد أذكر متى، صحوتُ على صوتِ سريري يهتز ويُصدر أصوات صرير، فتحتُ عيناي وإذ بظِلِ أخي الكبير وهو بجانبي في سريري، كُنتُ خائفاً فظلهُ كانَ يُشبه الوحوش الليلية التي كانت تروي أمي قصصها لي، لكن ارتحتُ وذهبَ الخوف عِندما علمتُ بأنهُ أخي الكبير وسرعانَ ما عُدتُ للنوم.
بدأ بمُداعبةِ وجهي بأصابِعِهِ، مرةً واثنتان وثلاث، ثُمَ أخذ يدي ووضعها على عضوهِ الذكري، بفطرتي أحسَستُ بأن ما يَحدُث هُو خاطِئ، فابتعدتُ و سحبتُ يدي، لكن أخي تحدثً معي و أخبرني بأنَ هذا شيء طبيعي ويحدُثُ غالِباً بين الأخوة، ولكن عليكَ أن لا تُخبِرَ أحداً بِما يَحصُل... ما أدراني أنا! فهوَ كانَ يكبُرني بعشرِ سنوات، ولم يكُن عِندي الجرأة الكافية للقول لأي أحد، حتى لو امتلكتُها فما الذي سأقوله؟!... استمرت الأحوال هكذا على مَرِ اسبوعان، عِندها حاولَ اخي تصعيد الحالة، حاوَل عندها نزع ثيابي عَني و الاقتراب، فلم تَعُد المُداعبة تكفيه. عندها خُفتُ كثيراً و بدأتُ بالبُكاء؛ عِندها حاولَ تهدئتي و كانَ جالِساً فوقي، لا أعتقد بأنهُ كان يعلم بأنه لو ابتعد عني لكُنتُ هدأتُ سريعاً، أصواتي وَمُحاولاته جَعلت أبي يستيقظ و يدخُل الغرفة ليجد أخي فوقي و أنا أحاوِل التَملُص و الابتعاد والدموع في عيني. غضِبَ أبي و ابعدهُ عني و أنبَهُ بعض الشيء؛ لم نَعُد ننام في نفسِ الغرفة وهذا أقسى ما أذكر أن أبي فَعَلهُ مع أخي.
القصة مَرَّ عليها أكثر من خمسة عشرَ عاماً و للآن لم تفارِق غُرَفَ عقلي، ولم يتحدث بها والدي معي أبداً، لم أتكلَم مع أخي من حينها حتى عندما أقام زفافه لم أستطع الذهاب، فأنا لا أعتقد أني في يوم من الممكن ان أغفر له، فمع كُل شاب أخرُج معه أرى وجهَ أخي، وبكُلِ محاولةٍ لي بالتعبير عن نفسي أرى أخي، فهو قد أصبحَ سجاني بحُكمِ المؤبد الذي حكمهُ عليَّ جَهلي، ونرجسيَةُ أخي، وصمتُ أبي...".

تم النشر في مجلة موالح... المجلة السورية الأولى من نوعها التي تعنى بمشاكل "الميم" في سوريا...
لتحميل العدد إضغط هنا...

بعض الواقع وكثيرٌ من الخيال


بعض الواقع وكثيرٌ من الخَيال



في بحرٍ من الدِماء و الحُب، نحنُ نسبح عبرَ أثيرِ الأرواح التي غَذَّت دماءها تجسيد أجسادنا في عالمٍ من الماديات يستهلكُنا و يستهلكهم. كلِمات لم و لن يكون لها أي أثر في الشارع، أو بين من لا يعتقد بعالم الأرواح، هذا ما أخبرني بهِ أحد اصدقائي عندما كُنا نتحدث عن الأحداث السورية، و قال لي: "حاجتنا كلام خيالي، خلينا نرجع للواقع."؛ لم افهم عندها ما كان يقصد بالخيال أو بالواقع! فلقد كُنتُ أتكلم عن الواقع و لم اكن أتحدث عن حلمٍ ما أو خيالٍ.
أصداء الكلمة ترددت عميقاً داخلي (خيال، خيال، واقع)؛ ما الذي كان يقصده صديقي! ما الذي كان غير واقعياً في ما طرحت؟ كُنتُ على وشكِ الذهاب بعيداً عن محور الحديث الدائر، فمن عاداتي الدائمة الشرود و الاستطراد في النقاش و الخروج عن محوره الرئيسي أغلب الأحيان، لم أسمح لنفسي هذه المرة أن أفعل ذلك، ولكن من سخريات القدر – التي تزداد يوماً بعد يوم معي – أن الحديث كُله اخذ محوراً مُختلفاً من تلقاء نفسه، فأصبحَ مما يحدُث إلى أسبابِ ما يَحدُث، لم يعد يلفت انتباهي الحديث أو الكلام به، إلى أن قالَ أحدُهم: "إن كُلّ ما يَحدُث في سوريا سببهُ الفِسق والدعارة واللواطة" أعذروني على كلماتي و لكن أريدُ النقل بشفافية، هكذا تبرير اعتدتُ سماعه من فترة ليست بقصيرة، و لكن هذه المرة كانَ لهُ واقعة أكبر بسبب ذكر حادثة قد أصبحت في متناول الموبايلات قبل الألسنة. فقد قامَ أحدٌ بتصوير أحد المثليين في منطقتي و هُما يمارسان الجنس، و استخدم الأول الفيديو لِيبتَز الثاني، و هذا أمر ليس بغريب أو جديد، ولكن الجديد هنا هو أن الفيديو قد وصل إلى أيدي جماعاتٍ مُتطرفة و تم القبض على المثلي، و انتشر الفيديو أسرع من انتشار الفيديوهات على موقع "Youtube"؛ الآن هو حديث الناس و قد أصبحَ محور حديثنا لليلة، فهو وكُلّ مثلي السبب في ما يحدث من شرور على كوكب الأرض ولربما الكواكب المُجاورة.
فلرُبما أنا كُنتُ اتكلم في عالمٍ من الخيالِ سابقاً،  فأنا كُنت أتحدث في القيم الإنسانية، و هُم يريدون الحديث عن القيم المادية، وعن تجريم وإلقاء اللوم على الآخرين. فالشارع لا يهتم لما يقوله الحالمون، فالعادات والتقاليد هي ما يُسيطر على أحكامِه وردود افعاله مع أي شيء يحصل في داخله – أو كما يدعونه بأرض الواقع -؛ والويل لمن يخالِف أو يُعارِض هذا القانون والواقِع، هذا الشارع الذي بناهُ الأجداد لواقِعٍ يُناسِبُ حياتَهُم كأشخاص في ذلِكَ العَصر، هذا الشارِع الذي لم نستطِع إضفاء طابعٍ جديد عليهِ أو حتى استبدال أحجارِه، بل فضَّلنا على ذلك (الشارِع، والرَصيف، وواجِهات المباني ذاتِها)؛ والتي لم تَعُد تَتَسِع لبناتِ أفكارِنا؛ فكيفَ بِها تَتَسِع لمَن لم تُبنى من أجلِه أساساً؟!...
المِثليون الآن أصبحوا على كُل لسانٍ بعد التسريب لهذا الفيديو، وأصبحت الإهانات اللفظية والمُتابعة لهم أكبر من ذي قبل؛ ومع وجود المتطَرِفينَ دينياً أصبحت الأمور أكثر تعقيداً، فحتى بعض الموافِقين و غير المُعارضين لحقوق المِثليين من الغَيريين أصبحوا الآن صامِتين أو انقلبت آرائهم حفاظاً على حياتِهم، وسُمعتهم، ففي هكذا بيئة غير صحية للعقل البشري الآن، من قتلٍ و دِماء و قمعٍ للحُرياتِ من قبل الأطرافِ جميعها، أتساءل متى سَتَسنَحُ لنا الفُرصة بشكلٍ صحيح بدون أن يعتقد البعض بِأننا لا نأبه بالدِماء التي تُذرف على أرض الوطن بأن نُقدِم أنفُسنا، و أن نكون الإنسان الذي نطمَح أن نكون!. عندها أعود لأسرَح وأضيع، وأقول: " في بحرٍ من الدِماء و الحُب، نحنُ نسبح عبرَ أثيرِ الأرواح.....".

07‏/11‏/2012

موالح عدد تشرين الثاني...

موالح... معاً نحوَ سوريا أفضل للمثليين...

صدر العدد الجديد من موالح لشهر تشرين الثاني؛ عذراً على نشره مؤخراً...

للتحميل من عدة مواقع:

للتحميل المباشر من ميديا فاير:

و لقراءة العدد على الإنترنت يمكنكم الذهاب مباشرة من هنا...