10‏/01‏/2013

شاب من كون مُختلف


شاب من كون مُختلف
حُب وشهوة
نور معراوي – Nour Maarawi
sgayrights@gmail.com


في لحظة ولادة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية في حياتي، ومُشارفة انتهاء المرحلة الاعدادية. كانت تلك الفترة مليئة بلحظات الولادة؛ بأقل ما يُمكن القول عنها. في الفصل الدراسي الثاني من الصف التاسع، عِندما دَخَلَ أول كومبيوتر إلى غرفتي، بعد فترات طويلة من الضغط ونزع الشعر من على لساني. كُنتُ مُتحمساً جداً للأبواب التي تفتحت أمامي، فليسَ حاسوباً فقط بل وإنترنت أيضاً... لم أعطه اهتِماماً كبيراً في بداية الأمر؛ كُنتُ اعتبر عِندها أن دراستي أهم مِنه – على الأقل في بداية الأمر-؛ فلم أجلس على كرسيه بشكل منتظم إلى أن انتهت الامتحانات لما كانَ يُدعى بمرحلة الشهادة الاعدادية. أخذتُ نفساً عميقاً كمن يُريد ابتِلاع الهواء كُله، مع ما كان يحتويه؛ جَلستُ على الكرسي وكأنهُ عرشٌ سيأخذني إلى الكونِ كُله بل أوسع من ذلك.
نِظام التشغيل كانَ أول ما يواجهني، لم يَكُن بالأمر الصعب، إلى أن حاولت الاتصال بالإنترنت! أنشأتُ أول اتصال وكان مُخدم البريد "190" هو من يزود الخدمة حينها. جلستُ أستمع إلى أصوات الطنين وإعادة المحاولة إلى أكثر من ساعتين متواصلتين؛ في النهاية توقف الطنين وغرّد صوت الاتصال؛ فرحتي كانت كبيرة كما كان جهلي وخوفي مما سيحدث. فتحتُ المتصفح وظهرت صفحة بها كتابة ملونة ومُربع فارغ؛ كَتبتُ في ذلك المُربع الكلمة التي أخذتُها شعاراً لي منذُ مدة "شاذ"؛ انتظرتُ وقتاً لعرض النتائج لأرى وأتفاجأ بالكم الهائل من الناس والمواضيع التي تُناقش هذهِ الكلمة؛ فأنا كُنتُ أعتقد أني الوحيد، لم أتوقَع أن أرى هذا الكم؛ مَرت الساعات كما مرت الأشهُر وأنا على هذه الحال، كانت كلمةُ "شاذ" قد أخذتني إلى مواضيع أقنعتني بأن مثليتي هي أمر شاذ عن الطبيعة وأني مريض نفسياً أحتاجُ إلى علاج قد يدوم طويلاً وقد يصل إلى العلاج بالصدمات الكهربائية في مُعظم الحالات. نعم لقد كُنتُ مُقتنعاً بمرضي ولكن لم أخبر أحداً فثقتي بعائلتي لم تَكُن بأفضلِ حالاتِها، ولا بأصدقائي المَزعومين، بدأ العام الدراسي الجديد مع دخول المرحلة الثانوية التي اختلفت ملامح الحياة بِها قليلاً على نفسي، فقد تعرفتُ على من أصبحَ أعزَّ أصدِقائي لاحِقاً وتعرفتُ على من أصبح هوسي أيضاً ومن سُخرية القدر تعرفتُ على أقبح نفسية عَرفتُها حتى الآن؛ وكُلهم مِن طريقٍ واحدة، ولكن لنعُد قليلاً للوراء؛ حالتي النفسية لم تَكُن جيدة، فأنا مريض على حسبِ ما يقولهُ الإنترنت والكثير من الناس عليه مِمَن يزعمون بأنهم أطباء، وخُبراء، وذوي تَجارُب. قضيتُ بعض الوقت مع ذاتي إلى أن أتت فترة إعادة توزيع الطُلاب على حسب أطوالِهم – هذهِ العادة كانت موجودة عندما كانت مادة التربية العسكرية -؛ أعيدَ التوزيع وجلسنا أنا وشخص آخر كانَ لديه مُشكلة في ساقه في المقعد الأول، والذي تعرفتُ عن طريقه إلى شاب آخر؛ كانَ مُختلِفاً عن بقية الشباب الذين عرفتهم فقد كان يوليني اهتِماماً كبيراً ويتصل بي لنخرج سوياً – هذا لم يحدُث معي مِن قبل -؛ أحببتُ فكرة الاهتِمام من ذلِكَ الشابْ، وأصبحتُ أهتم بِه في المُقابِل؛ أصبحت أحاديثُنا تستمر لساعات ومواعِيدُنا داخل المدرسة كانت تأخُذ كل الحصص.
أصبحت الساعات أيام كاملة؛ والمواعيد امتدت إلى كل مكان خارج المدرسة، كُنا كالمُلصقات على الجُدران أينما ذَهب/ أو ذَهَبت نجد أنفُسنا سويةً؛ كان بِه من السحر ما يكفي كي أنسى الدُنيا معه، وما زاد الطينة بلاً هُو اني كُنتُ في قمة رغباتي... 

تم النشر في مجلة موالح... للقراءة من هنا... للتحميل من هنا...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق