10‏/12‏/2012

ذكريات قسرية


ذكريات قسرية...
نور معراوي
Nour Maarawi


كُلما جالَستُ نفسي، استمعتُ إلى الموسيقى أو شاهدتُ فكرة ما تَخطُر على بالي، أجِدهُ بينَ مفاتيحِ البيانو، وفي كُل إطار لكل صورة، وفي داخل ذرات الأوكسجين الذي أستنشقه، كم أتمنى لو أنكَ كُنتَ هُنا... لا أريدُ العودة فقط في الذكريات، فإنها كشريط الفيديو تضمحلُ يوماً بعدَ يوم، مع إني أحتِفلُ بعيد ميلادِكَ يومياً إلا أنَّ ذِكراك ما زالت تختفي...
إني أفتقدك، كما أفتقد صوتَ الجرس عِندما تكون أنت، وصوتَ خطواتكَ و أنتَ تقترِب من بابِ غُرفتي، نعم إني أستطيع العودة إلى تلك التفاصيل، عندها تختلطُ عندي الخيالات و يُصبِحُ شبَحُكَ حقيقة لدقيقة، يَنظُرُ لي من زاوية الغُرفة حيثُ استلقي مُحاولاً النومَ لأحلُمَ بِك ومن ثُم أستيقظ لكي لا أجِدك بجانِبي، لم أعد أريدُ سماع صوتَ الهاتف، ولا صوتَ الجرس، ولا رؤية أشعة الشمس، فإنكَ أنت من علَّمتني كيفَ أحِبُ هذه الأشياء، وصحيحٌ أني وعدُتُكَ بأن لا أستسلم، ولكني أتمنى لو أنكَ معي.
لقد كُنتَ أنت من أخبروني بأنَهُ مريض، نعم لقد كُنتَ أنت من كانَ على سريرِ الموت، ولم يكُن بيدي حيلة أشاهِدُكَ و أنتَ تستلِم لخلايا جِسمك التي ثارت ضِدك، لو إني استطعتُ قتلها أو نفيها، فإني أفتقدُكَ كما تفتَقِدُ الأم وليدها، والشجرة تُربتها، لم يكُن بيدي حيلة... تعالَ وأنضم لي في الحياة، أو سآتي وأنضم لك في الموت، لأني لستُ مستعدٌ لقول الوداع فاليوم كُنت سَتُصبِح في السادسة و العشرين، وهذا الصمت يبتلِعُني وَيَقودُني إلى بابِ بيتِك حيثُ أدق وأدق و أنتظِرُ حابِساً أنفاسي لكن ما من مُجيب أو سيطرة على دموعي، فلا، لم يعُد هنالكَ شيءٌ سوى أنا و حبي لك الذي لم ولن يمت.
تعالَ واستلقِ معي فمن الصعب عدم الهلوسة بشبحك قبل وقت نومي، كي أحافِظَ على عقلي منَ الجنون و الهُروب سَمَحتُ لَهُ بالإيمان بأشياء لم أكن أفعل سابِقاً، فكم من المَرات يُمكِنُني أن أذكُرَك قبلَ أن تموتَ ذِكراك؟ أو أن أتكلَمَ معكَ قبل أن أفقدَ صوتي للصُراخ؟ أو أن أراكَ قبلَ أن يذهبَ بصري للبُكاء؟ فلمساتُك لم تعُد تهَّوِن مأساة ذاتي المُهَمشة، و الكونُ بدأ بإكمال طحنِه لمشاعري لِيستخدِمها كبارود ليحرقني بِهِ حياً، و يستخدمُ رمادي لوناً أسوداً ليصبُغَ روحي مِن حُبكَ المُحتاج داخِل كياني و صورَتي الميته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق