30‏/10‏/2012

تقرير الأقليات


تقرير الأقليات



أرصفة فارِغة، نمشي وحيدون، مع ذلك ما زلتُ أشتم رائحة عطرَ الأرواح في شقوقِ الأرصفة وأضواء الشوارِع؛ التي تَضخ ظلماتٍ واضحة جداً و على قيدِ الحياة... أناسٌ كضبابٍ مرسومينَ بحبرٍ غامق جداً و لطخاتٍ منقوصة؛ مع ذلك فهم ينيرونَ الجو بعُنف. كُل شيءٍ يبدو كحلم، مع ذلك، فإنهُ واقعيٌ جداً ليَبتلِعني داخل لفافاتِه و ضوضائه عديمة النفع لأنفاسٍ شبه ميته.

نظروا لي! لم يكن يوجد أي ضوء في أعُينهم اللامِعة ظلمةً، لم أرَ سوى الأجساد الخاوية من أي روح... أمسَكتُ دِماغي من الطيرانِ بعيداً حينَ بدأتُ بالدخول في الحالة الكابوسية... فهي ليلةٌ كل ما بها خاطِئ؛ و تفتقد لكُل مكوناتِها: "بومة، غراب، شبح، و نغمة"؛ إني أشتاقُ لعقلانيتي، ولكني سعيد بأني تركتُها في دماغٍ آخر...

طارَ بابٌ لي، وقفَ أمامَ وجهي، اهتَز، ورمشَ، بغضبٍ كذاكرة تَتشبه بشريطِ فيديو مكسورٌ ترتيبه. فقد كانَ هُنا؛ فجأة اختَفى؛ كُنتُ وحيداً مرةً أخرى؛ مع هؤلاء الناس أشباه الحُبر، داخِلَ حديقةٍ نبحثُ عن الأشجار... كحُلمِ شبح بقصيدة حُب و راحة أبدية... لقد أُبقيتُ في سُباتٍ عميق، أنتظِرُ قدومَكَ لِتُخيطَ لي واقِعي؛ آه كم أقعُ في حُبِ الشخص الخاطِئ، انقذني... صوتٌ خافِتٌ تردد؛ أنقِذني...

صحَوتُ في غرفَتي، سريري، رأسي شعرَ كأنه في حالة خمرية؛ و أنا أنظر إلى الأماكن الفارغة من ظرف حبوب المنوم، التي أخذتها البارحة، فانتحاري لم يَكن ناجِحاً! تباً. أخذتُ دقيقة لأفكر عندها تدفقت الأفكار كلها، فعليّ مواجهة ضوء الشمس مرة أخرى، وأستمع إلى التقرير العائلي اليومي في "حيثيات الطفل الجيد الأخلاقي"؛ الاستعباد قيمة رائعة لإنسان محبوس داخل مخططاتِ والداهُ التجريمية.
أرجوكما لا تسألاني؛ من هُوَ؟ ومن أباه؟ وعن ما يفعَلهُ معي؟ !... فأنا لم أأجرهُ بيتاً، ولم نَرقُص على بعضِ القُبور، وليسَ بخاروف التضحية! وليسَ بجسرٍ للعُبور؛ بل هُو صديقي الخياليّ؛ لقد رسمتُهُ بألوانٍ شاحبة لكي لا تروهُ وهو يحتضنُني ليلاً. آه كم أحِبُ عقلي؛ فلقد أعطاني إياكَ، و أنت أعطيتني حقولاً من الأحلام، على الرغمِ من أن العالم بدأ في الاستيقاظ مُمزِقاً عوالمي وأرواحِك مُبعدنا عن بعضنا بضحكاتٍ شمسية و هدهداتٍ أنوية...

16‏/10‏/2012

خلف القمر

 هذا العمل قمتُ به لمجلة موالح و الذي أصبح غلافاً لعدد أوكتوبر؛ مع نسخة حصرية لوضعها كخلفية للشاشة بمقاس 1920*1080


نسخة الخلفية

15‏/10‏/2012

طين الياسمين



طينُ الياسَمينْ

هُو يَعلم ما يَظُنُ بأني لا أعلم؛ وَ ينظُرُ في عينايَّ و يهمُسُ في أذُنِ صَديقه الذي كانَ يُشاركُهُ نفضَ السجائِر على الياسَمين؛ على الطاوِلة؛ يَبتَسِمان...... و يُعيدان احياءَ الماضي بأسئلةٍ صباحية كانت قد تراكَمَتْ على صحنِ فنجانِ قَهوتي...
هُوَ يعلَمُ ما يَظُنُ بأني لا أعلم؛ و يُساعِدُ صديقهُ في جُرأتِه على التخيل بأن العالَمَ يَنحَصِرُ بينهُما، و يَرقُصان على أنغامِ لحْنِهِما بِطقوسِهما الخاصة و بعمليةٍ حِسابية؛ و كأنّ الموسيقى أصبحت (1،2،3)؛ نظرَ لهُ و سجائِرُهُما تُدخِّنُ رائِحةَ جسدي؛ و هُما يَنفُضانِ مرةً أخرى في الياسَمين...
تلكَ الانعكاسات على وجهِكَ من ضوء القَمر، تَجعَلُ من كُلّ شيءٍ شاحِباً؛ لِدرجة أني أصبحتُ أرى كُلَّ شيءٍ أسوداً و أبيضاً؛ و اعتقدتُ أني سأتحطمُ مرةً أخرى مِن خيالٍ إلى خيال؛ و فراغاتٍ في مكانِ ولادَةِ حُلم...
سأتلاشى الآن عَن رؤاك؛ و أضيع في زُرقَةِ عيناك؛ بِصَمتي؛ فالكَلِماتُ مَعَكَ صعبَةُ الوِلادة و بدونِ معنىً؛ كالنظَرِ إلى مرآةِ في الظَلام؛ و حروقٍ شمسية على وجهِ التُراب... معَكَ سأستخدِمُ لغة لم استخدمها من قبل، لغةٌ مصدَرُها آلافُ التَلافيف و البكرات، لغةٌ لم أعتَقِد بأني قادِرٌ على اِستِخدامِها مِن قَبل؛ فهي تَنبِضُ احمِراراً؛ و تنتَفِضُ إحساساً... ليسَ من شَخصٍ مِثلي؛ بل مِن تلافيفِ حُبِكَ الضائِع في مَصانِعِ القَدَر...
هُما الآن يَعتَقِدان بِأنهُما يعلمانِ ما لا أعلَم؛ و يأخُذانِ آخرَ نَفَسٍ؛ و يَنفُضانِ ما تبَقى من موتِ سجائِرهُما في مِنفضةِ الياسَمين التي أصبَحَت رماداً؛ و من ثُم طيناً؛ و مِن ثُم قذارةً لِتُرمى في مِنفضتي الكُبرى للذكرياتِ و الياسَمينِ القَذِر...

تمّ النشر في مجلة موالح عدد أوكتوبر للاطلاع عليها و تحميلها الرجاء الضغط على أحدى الروابط:
http://www.mediafire.com/view/?eecetj32y8tyu23
http://www.ziddu.com/download/20554850/mawaleh-002l.pdf.html
- للذهاب لصحفة الفايس للمجلة: موالـــــــح

14‏/10‏/2012

كاسة شاي و موالح


كاسة شاي و موالح

في ليلةٍ حارةٍ نسبياً؛ كنتُ جالِساً أمامَ حاسوبي وحيداً؛ أفكر بِما سأكتُب للمجلة في العدد القادِم! مع عددٍ من الأفكار العشوائية و الفوضوية؛ و التي مع فوضويتِها سبحتُ بعيداً في عالمٍ من الخيال الأصفر؛ حيثُ وجدتُ نفسي في عالمٍ أفضل؛ في عالمٍ يتمُ به صناعة الإنسان لكونهِ إنسان و ليسَ للتِجارة بإنسانيتِهِ كسلعة في سوقٍ يَعرضُ كل ما هو طبيعي خلف قضبان الأحكام المُسبقة و الجهل و المجهول...
أصحاني الهاتِفُ برنينه الذي بدى لي أقربَ إلى الأنين؛ رفعتُ السماعة و أجبتُ كالمعتاد بـ "ألــو"؛ كان صديقي على الخط؛ يدعوني للذهاب إلى منزِله، فهو قد دعا صديقانا الآخران اللذان أنهيا علبة السجائِر؛ فقد سمعتهما في الخلفية يخبرانه بأن يقول لي: "دعهُ يجلب معهُ علبة سجائر من نوع بنتلي"؛ كُنتُ متردداً جداً في الذهاب فالأوضاع لا تسمح كثيراً، و الوقت كانَ قد اصبحَ بعد المَغرِب؛ قُلتُ لنفسي ما الضرر! "الي بدو يصير، يصير"؛ أغلقتُ سماعة الهاتف و طلبت سيارة أجرة لأن منزل صديقي بعيدٌ جِداً عن منزلي؛ وَصلت سيارة الأجرة و وصلنا سوياً إلى منزِل صديقي؛ عِندها استقبلني بفتحِ باب البِناية الأول؛ فصعدتُ الدرج؛ ثُمَ فتح الباب الثاني و الثالث عندها وصلت إلى باب الشقة الذي كان الرابع في العدد؛ لم أستَغرِب فهذا طبيعي في هكذا أوضاع أو حتى أقل من طبيعي؛ الابتسامات كانت ما لاحظتهُ أولاً و مِن ثُم القُبل الخدية و الكتفية المُعتادة؛ دخلنا سوياً و للمُفارقة أخذني لنجلس على البلكون؛ بعدَ كُل تلك الأبواب! و كالعادة وَجدتُ صديقي الأول مُتفَرِعاً و يَضرِبُ كرشه بيدهِ مُفاخِراً بِه و هو يأكل ما تبقى من صحن الفواكه المِسكين؛ و الآخر كان ينظُرُ له بامتعاض و خوف لأن الأول كان يُحِبُ ضربهُ للمزح كما كان يضرِبُ كرشه؛ جلستُ و قبل أن آخذَ أيّ نفس؛ أخرجتُ علبة السجائر من حقيبتي و أعطيتهما إياها؛ فرأيتُ نورَ و سعادةَ أسنانِهما الصفراء تَشكُرني على ما جلبت؛ فالمصبوغ يحتاج إلى الصابغ ليبقى على صبغته.
فُتِحَت علبة السجائر وَ وُزِعَّت السجائر؛ أنا كنتُ قد تركت التدخين من فترة طويلة لذلك لم أشارك؛ ثُم بدأ النِقاش و كأنهُ وُزع مع الدخان؛ تكلمنا بالأوضاع الحالية و السياسية؛ و أخذنا دور المحللين السياسيين و سبحنا في التحليل و الخيال؛ و كأننا كُنا على دراية في اللعبة السياسية؛ و مِن ثُم أصبحنا خُبراء طبيين؛ فواحِدٌ من الأصدقاء كان بالفعل يدرس الصيدلة و لكنه دائماً ما يمتعض من سؤال أي شخص لهُ عن الامور الطبية؛ فَسُرعان ما انقلب النِقاش؛ و أصبحنا عِندها علماءً في الدين و تناقشنا بفراغٍ تام؛ كما استلمَ هذا الحديث صديقي الآخر فهو أقرب إلى ما يُدعى رجُل دين و لكنه ليسَ بِواحِدٍ مِنهُم، كما انتهت الأحاديث السابِقة انتهى هذا الحديث و لكن مع صوتِ زخاتٍ مِن الرصاص من أسلحةٍ خفيفة و من ثُم تَبعها أقربائُها من الأسلِحة المتوسطة و الثقيلة و أختهم الكبيرة قذيفة الهاون... فسارعنا الدخول من البلكون إلى غرفة الضيوف؛ حَيثُ كانَ للجلسة نكهة أخرى؛ و بالأخص مع قدومِ الشاي و الموالِح...
مع الشاي و الدُخان المُتصاعِد من ابريقِها الذي استهلكتهُ ألسنة النيران؛ بدأت المواضيع الضبابية بالصعود إلى أسطُح أدمِغتنا؛ فتكلمنا مرة أخرى في السياسة؛ و أخرى في حقوق الإنسان؛ و مرة أخرى في العواطِف و الأحاسيس الإنسانية – هذا الموضوع كانَ دائماً ما يفتحهُ أصدِقائي للسُخرية منه -؛ لا أدري و لكن أتاني احساس غريب عِندما نظرت إلى صديقي الثالث و الذي كانَ يدرُسُ الفلسفة؛ فقد كانَ يعتلي وجهَهُ ابتِسامة خضراء؛ مِن نوع "سأفتَح موضوع يَقلب الجو"؛ طبعاً قلت لنفسي "سيفتح موضوع المثلية"؛ و نعم كُنتُ مُحِقاً؛ فهُوَ دائماً يَفتَحُ موضوع المثلية لأهدافٍ أعلمُ بعضها؛ بدأت الابتِسامات تتعالى لتُصبِح قهقهات عندَ الصيدلي؛ و تبقى ابتسامات عريضة صفراء عند الاثنان الباقيان؛ فموضوع المِثلية دائماً ما يُحضِر الفكرة الجِنسية عِندهم بغض النظر عن عنوان الموضوع المَطروح للنِقاش أو مَذهبة أو مُنحناه.
فَتحَ الموضوع صديقي؛ و ثُمَ ابتعدَ و أخلى الساحة لصديقنا المُتدين؛ الذي انخرطَ مُباشرةً بِما لُقِن من قبل الآخرين؛ و بدأ بانشراح و انفتاحيه؛ شرحَ "شذوذ الفِعل" بدون الاضطرار منه للإتيان بأي دليل منطقي أو حجة عقلية؛ بل اكتفى بالقول و التَفاخُر بالقدوم للفعل الجِنسي من الأمام و "طبيعية الفِعل"؛ و أن القدوم من الخلف هو أمر غير طبيعي؛ و لم يجرُؤ على التكلم و القول: "حتى الحيوانات لا تأتي هذا الفِعل"؛ فقد أقنعته من أكثر من شهران بأن المملكة الحيوانية تفعلها و بتنوع أكبر من الإنسان؛ الآن قد تطور موقفه لكي يقتنع بأنّ حتى الغريزة الحيوانية تتطور بشكل مختلف و ليس لها علاقة بأي تصرف فطري و أن الاتجاهات الجنسية عند الحيوان لا تولد معه بل تتطور كما يحدث عند الإنسان – على حسب زعمه – و طبعاً كان حديثه من دون أي حجة أو دليل – فقط كلام – تجاهلت النقاش كله؛ لأنه و مع وجود أي كلام للتحدث به فكلامه كانَ خاطئاً بكافة المقاييس الدراسية "النفسية؛ و البيولوجية؛ و الطبية...إلخ"؛ أردتُ أن أعلم ما هو الاعتراض الأكبر في العلاقة المثلية؛ فسألتهم واحداً تلو الآخر؛ فكان الجواب المُشترك من الثلاثة؛ بأنهم يقبلون المثلية و أنها موجودة في المُجتمع و يحترمون المثليين؛ و لكن الاعتراض كان على العلاقة الجنسية؛ و بتعبيرهم "كيف بِنام شب مع شب؟!!!"؛ مع تعابير القرف و الازدراء على وجوههم و التي حفظتها و عرفتُ سببها الرئيسي و الذي هُوَ وضعُهم أنفُسهم في خيالهم مكان أي مثلي و قيامهم بالعلاقة خيالياً مكانه؛ مما يُحفّز عِندهم عقدة الرجولة؛ هم ليسوا ما يُمكننا دعوتهم بـ "Homophobic"؛ و لكن من وجهة نظر أحادية الاتجاه فهم كذلك؛ فقد أعلنوا و بصراحة تامة – ماعدا صديقي المُتدين - عن إمكانية قيامهم بالعلاقة المثلية إذ ما كانوا هم من يقومون بفعل الإدخال؛ و كان خوفهم و نفورهم الأكبر من العملية العكسية و حصولها معهم؛ فما فعلته عقدة الرجولة و انفتاحهم على شيء جديد في الحياة قد جعل من عقولهم تتماشى مع التيار العام الغربي أكثر منه العربي؛ في تقبل المثليين و الخوف منهم في وقت واحد؛ و بالإضافة إلى أنّ هذه الحجة لم تكن كافية؛ لأنهم كانوا مقتنعين بفكرة إقامة علاقة مع فتاة و إتيانها من الخلف بدلاً من الأمام؛ و كلنا نعرف لماذا يتم ذلك في مجتمعاتنا الشرقية؛ على حسب ما قالوا: "بتضل هديك بنت مو شب"؛ مما يعني و بشكل واضح أنهم لم يكونوا مهتمين "بشذوذ الفِعل" أي طريقته؛ بل كانوا يهتمون إلى جنس الطرف الآخر؛ هذا طبيعي لأي غَيري؛ و لكن من غير الحق إدخاله في نقاش ليس له أي علاقة به؛ فإذا كان اعتراضهم على قدوم الطرف الآخر من الخلف؛ فعليهم ان لا يأتوا الطرف الآخر الذي ينامون معه من الخلف أيضاً؛ لكي تصبح حجتهم مقبولة بشكل عام.
بالإضافة إلى كل هذا فنكهة الملوحة و الحلاوة من الموالح و الشاي؛ كانت و كأنها تساعد على استمرار الحديث؛ فقام صديقنا المتدين بقلب الحديث كلهُ و أتى المثلية من وجهة نظر مختلفة؛ مُعتقداً بأنها وجهة نظر حضارية أكثر؛ و قال و أقتبس: "هم أناسٌ شواذ و مريضون؛ و يحتاجون إلى العلاج؛ و بقبولهم و احترامهم يمكن تحقيق ذلك"؛ طبعاً وافقهُ الاثنان الباقيان – كالعادة -؛ و لكن بدون النظر في هذه العبارة و ما تحوي من معانٍ مُبطنة؛ و لكن أعتقد أن القبول الفوريّ أتى لقرب توليف هذه العبارة من التوليف الاجتماعي لعقل الشاب و توقعاته مِنه (الوِراثة الاجتماعية)؛ فالعبارة هذه كانت تخبأ بين سطورها معانٍ كثيرة؛ فالمرض النفسي أم الجسدي لهما ثوابت و لا يحتاج بالضرورة إلى تقبل المجتمع لهما أو احترامهما؛ فإذا وجدت خطوات للعلاج فإن الوصول إلى نتيجة سيتم عن طريق المرور بتلك الخطوات؛ و بالنسبة للمثلية فإن تقبل النفس أساس بها؛ بغض النظر عن تقبل المجتمع لها؛ فنحن نعيش حيواتنا على كافة الأوجه و نشارك في المجتمع و نذوب و ننحل به و نقدم له و نأخذ مِنه؛ و وصفنا بالمريضين و الشواذ هو أمر غير دقيق؛ فالمرض كانَ جسدياً ام نفسياً؛ سَيَمنعنا من القيام بواجباتنا الاجتماعية و التواصل مع الأفراد؛ و هذا غير صحيح عند المثليين؛ فنحنُ كما قلت من المُجتمع و فيه.
و يوافقنا في هذا الرأي عالم النفس الشهير "سيغموند فرويد"؛ فهو كان يعتبر أن البشر جميعاً يولدون مزدوجو الجنسية "Bisexual" و من ثم تجاربهم و خبراتهم مع الأهل و المجتمع تحدد اتجاهاتهم الجنسية؛ و على الرغم من هذا؛ فإن فرويد كان يرى بأنه لا يجب النظر إلى المثلية الجنسية من منظور الأمراض العقلية؛ و قد بدى ذلك واضحاً في رسالته الشهيرة إلى أمٍ أمريكية في عام 1935، كتبَ فرويد بِها: "
الاحادية الجنسية و بكل تأكيد ليست بميزة؛ و لكنها ليست شيئاً لِلخَجل مِنهُ؛ و ليست بخطيئة؛ أو انقاص من قدر الشخص؛ و لا يمكن تصنيفها كمرض؛ نحنُ نعتبرها كتنوع للعملية الجنسية و المُنتجَة عن إيقاف مُحدد لتطور جِنسي ما. فالعديد من الأشخاص المحترمون بشكل كبير في العصر الحديث أو القديم قد كانوا مثليّ الجنسية؛ و كانَ مِنهُم العديد من الرجال العظماء مثل (أفلاطون، مايكل آنجلو، ليوناردو دا فينشي...إلخ)؛ و إنهُ من غير العادل أن نُحاكم المثلية الجنسية على أنها جرم، و أن نعامِلهُم بِعُنف أيضاً..."(1)
على الرُغم من أنّ النظريات لعلم النفس التحليلي منذُ فترة كانَ لها تأثير كبير على التطبيب النَفسي؛ و في الحضارات الكبيرة؛ لم تَكُن تلكَ التحاليل عرضة للفحص التدقيقي المبني على الخبرة و المراقبة؛ عوضاً عن ذلك؛ كانت مبنية على تحاليل عياديه مبنية على أسس المُراقبة لِمرضى قد عرفوا بأنهم مثليوا جنسية مُسبقاً.
و لكن هذه العملية تحوي على مشكلتين أساسيتين: "
أولاً – هذه العملية تعَّرض عملية التحليل النفسي لتشكيك في صحتها؛ أولاً؛ فإن اتجاهات المحلل النظرية؛ و توقعاته؛ و موقفه الشخصي؛ من المحتمل جداً أن تحَّرِف أو تشوه مراقباته.
ثانياً – المشكلة الثانية في هذه الدراسات التحليلية أنها فحصت مثليي جنسية تحت الرعاية الطبية النفسية؛ الذين يبحثون عن علاج أو رعاية طبية من نوع ما؛ و هذا لا يمكن أن يشكل أو أن يُمثِل التجمع السكاني كله؛ فإنه من الخاطئ أن نحكم على جميع مُغايري الجنس من بيانات تم أخذُها من مريضين نفسيين غيريين؛ و على هذا لا يُمكننا التعميم على بقية مثليي أو مِثليات الجِنسية."
و لكن يؤسفني القول في النهاية أنّ بعض علماء النفس و أطباء النفس ما زالوا يتمسكونَ بآراءٍ و تصرُفات شخصية سلبية اتجاه المثلية الجنسية؛ كما يفعل بقية المجتمعات في الوطن العربي و بعض المجتمعات الغربية أيضاً؛ و لكن؛ الدليل التجريبي و الثوابت الحِرَفية لا تدعم فكرة أن المثلية الجنسية هي بأي شكل مرض عقلي من أي نوع؛ أو أنها بِشكلٍ وِراثي مُرتبطة مع علم الأمراض العقلية...

تمّ النشر في مجلة موالح عدد أوكتوبر للاطلاع عليها و تحميلها الرجاء الضغط على أحدى الروابط:
http://www.mediafire.com/view/?eecetj32y8tyu23
http://www.ziddu.com/download/20554850/mawaleh-002l.pdf.html
- للذهاب لصحفة الفايس للمجلة: موالـــــــح

04‏/10‏/2012

جَسَدٌ مُقفَل



جَسَدٌ مُقفَل
إنَهُ أنا و أنتَ
نَدفَعُ الجِزية
عن حاضِرٍ مجهول الهوية...
سيجارة لنُستَهلكها
و ضَباب لنُلاحق...
جَسَدُكَ؛ غُيرُ أكيدٍ لي
رائِحتي أصبحَت أنتَ؛
رائحَتُكَ تطمئِنُني...
أتَنَفسُكَ بِثِقَل
وَ أنفاسُكَ على رَقبتي
تَوقَف و احضُني
حتى لو عكسياً؛ أنا لن أهتَم
حيثُ أن شفتاكَ فوقَ شَفتاي...
أفكاري الآن فوضوية و أنتَ
تَقَبلُ يدي
باحمرار؛ عقلي يُريدُ المزيد
و لكن جَسَدي يقول: "كفاية"...
أرجوكَ "يا قلبي" ناصِر هدفي
فأنا أريدُهُ، أريدُ أن
أقبِل شفتاه؛ و لكني لا أستطيع
فجَسدي مُقفل، و
أعتقِد؛ بأني أغرَق
داخِل صدرِهِ العاري
من الخَضارِ و الذَهَب...
أشعُرُ بأمانٍ تام
و أنتَ دافئٌ جِداً...
تحدثتُ مَعَكَ بأشياءٍ
لم أجرُؤ على الحديثِ بها
من قَبل...
مَعَكَ أنا لا أملُكُ اسماً
يُمكِنُكَ مُناداتي بأيّ اسم تُريد
نادِني "أغنية حُب"
نادني "أي لون"
أو نغمَتُكَ للسَلام...
أنا أسَّلِمُ نفسي لَكَ
لذا سَلمني لعوالِمِك
حيثُ لَكَ أن تعيدَ رَسمَ جَسَدي
بهمساتِك، و نَغماتِكَ الناعمة الحَزينة
و هدايا قلبِكَ المُزهِر...