‏إظهار الرسائل ذات التسميات كراهية. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات كراهية. إظهار كافة الرسائل

22‏/12‏/2012

لقد أماتو قوس قزح

لقد أماتوا قوسَ قَزح

عِندما تأتي أحلامُ الحُرية، يأتي معها شياطينٌ تجعلُ منها بقايا في ركامٍ كانَ يوماً عجينة يُصنَعُ منها قوالب تلك الأحلام. فكما تستعجل النار في حرقِ ما في داخِلِها، فإنّ تلكَ الشياطين تَتَدافَعُ لحرقِ واستِهلاك كلّ من حولها، مُزيلةً كل السعادة التي من المُمكن أن نشعُرَ بِها بعد حلمٍ أتى مولوداً مِن بطنِ كوابيسَ عديدة، أرَّقَت وأبقت كُل حالِمٍ مُستيقظاً لفترةٍ طويلة.
لقد أتت تلكَ الأحلام واصطحبَت معها شياطينها إلى بلدي “سوريا”، ومن ثم نقلت العدوى إلى قريتي الصغيرة التي لم تحتمل فرحة تلكَ الأحلام فانفجرت كوابيساً إلى أن أصبحَ كل شيءٍ بها لا يُطاق، الحياة، والأزهار، وأوراق الشجر. فقد قُتِلَت الألوان، وماتَ قوسُ قَزَح، مع موتِ القانون واستلام من يدَّعونَ بأنهم “إسلاميون”؛ من تنظيمِ القاعِدة، إلى السلفيين، والوهابيين، عِندها بدأ تفشي مرض “هادا حرام، وهداك حرام”؛ بين الشعب نفسه؛ وتم بعد فترة من الزمن تشكيل ما يُدعى مخفراً بقيادة أحد قادة الفُرق والذي ينتمي لتنظيم القاعِدة. لم يُشكل المخفر أية مُشكِلة ولم يتصرف أي تصّرف طائش إلى أن انتشرَ فيديو بينَ شباب البلد، عِندها انقلبت جميع الموازين عمّا من المُمكن أن تفعلهُ هكذا جماعات إن استلمت المخفر لمدة طويلة – الذي تقودهُ الأحكام العرفية -؛ فما الذي من الممكن أن يفعلوه لو استلموا سلطة أعلى؟! الفيديو كان لشخص مثلي يمارس الجنس وقد تم تصويره من قبل الشخص الذي يمارس معهُ، أنا لا أعرفه شخصياً ولكني قد لمحتهُ عدة مراتٍ في الطريق؛ الفيديو كانَ مُصوراً لابتزاز الشاب، فهوَ كانَ يتلقى المال مقابِل الجِنس، تَم تهديده بواسطة هذا الفيديو، ولكن عندما لم يرضخ للتهديدات؛ انتشرَ الفيديو؛ وتم تناقلهُ بين الناس كما يتم تناقل الموضة على اليوتيوب – بل أسرع -؛ وَصلَ الفيديو إلى جوال أحد الذين يُعانون رُهاب المثلية، فأخذ الآخير ذلك الفيديو وأوصلهُ إلى جماعة المخفر “فاعل خير يا أخي”؛ عندها كانت المُصيبة؛ أرسلَ رئيسُ المَخفر شلة من ذوي اللِحى لإلقاء القبض على الشاب تحت تهديد السِلاح بتهمة “ممارسة اللواطة”، الفعل الذي يُحرمه الدين ووعدوا أيضاً بمحاربة الفِعل بكافة أشكاله…
بقيّ الشاب داخل زنزانة المخفر لمدة ولم يُسمع أي خبر عنهُ، صراحةً لا أحد أعرفهُ يعلم ما كان يَحصُل في الداخِل، إلا أنَ جماعة المَخفر كانت تخرُج كل يوم تقريباً لاعتقال عدد من الشباب الذين وبزعمهم اعترفَ هو بأسمائهم وعلى ممارسة الجنس “الشاذ” سوياً. وصل العدد إلى أكثر من ثلاثين شاباً على حسب آخر ما علمت، كانت تتم مُعاقبتهم على فعلهم والذي أطلقوا عليه “رجس” – بسبب أنهم كانوا هم من يأخذون دور الرجل -؛ بما يُسمى “الفلقة” وجزية يدفعها أو ما يدعونه بكفارة؛ ومن كان لا يستطيع دفع تلك الفاتورة كان يتم حبسه عوضاً عن ذلك لمدة أسبوع أو أقل لا أدري بالضبط، وهذا مع الإعلان بأن هؤلاء الناس مارسوا “اللواطة والشذوذ”، أما الشاب المُحتجز فلم أدرِ ما حَلَّ بِه أو ما مصيره فقد احتفظوا بِه لمدة طويلة، وكانَ كُل خوفي أن يطبقوا عليه الحكم الشرعي ألا وهوَ “الرجم”. لكن الأمور تدهورت سريعاً في قريتي الصغيرة، وبدأت جدران الواقع تتفَتح بِها، خرجتُ مِنها ولم يعُد يوجد أيّ اتصال بيني وبين من داخِلها، إلا أني استطعتُ بعد أسبوع من سماع خبر مُفادهُ بأنّ المخفر قد أفرَغَ المساجين بسبب القصف. لكني أتساءل للآن ماذا لو لم تَتَدهور الأمور؟ وماذا لو بقيّ الشابُ أسيراً عِندهم؟ وماذا لو طبقوا ما يَسمونَهُ بالحُكم الشرعي؟… و… و… و…
عِندما يكون الحلم واقِعياً جداً؛ ويأتي أحد ليوقِظكَ منه، تبدأ جدران الواقِع في تمزيقه عِندها لن تستطيع التمييز بين الخيال والواقع لدرجة الخلط بينَهُما. فعندما بدأت مسيرات الحرية في سوريا كُنا نحنُ المثليين يرسُمُنا الأمل، مُشارِكين فيها، مُنادينَ بِها، ومن أوائل الناس. فنحنُ نُريدُها ونفهمها أكثر مِن غيرنا فهي حق حُرِمنا مِنهُ منذُ الوِلادة، ولكن مع استِلام الإسلاميين السلطة الثورية وتوجه الثورة اتجاهاً دينياً جعلَ الكثير من الفئات تنظر للطرف الآخر، ومنهم الكَثير من المِثليين الذين أعرفهُم والذين يَعرفونَهم هُم، مع بقاء البعض ضمن التيار الثوري، ولكن أتساءل إلى متى؟ إلى متى قبل أن يعرفوا بمثليتهم ويحاسبوهم عليها ولربما لن يكون الآخرين محظوظينَ كذلكَ الشاب، أو من الممكن أن تبقى هويتهم سرية، ما أدراني أنا!…

صبحي نحّاس...
تم النشر في مجلة برا... للقراءة من موقع المجلة...

10‏/12‏/2012

ذكريات قسرية


ذكريات قسرية...
نور معراوي
Nour Maarawi


كُلما جالَستُ نفسي، استمعتُ إلى الموسيقى أو شاهدتُ فكرة ما تَخطُر على بالي، أجِدهُ بينَ مفاتيحِ البيانو، وفي كُل إطار لكل صورة، وفي داخل ذرات الأوكسجين الذي أستنشقه، كم أتمنى لو أنكَ كُنتَ هُنا... لا أريدُ العودة فقط في الذكريات، فإنها كشريط الفيديو تضمحلُ يوماً بعدَ يوم، مع إني أحتِفلُ بعيد ميلادِكَ يومياً إلا أنَّ ذِكراك ما زالت تختفي...
إني أفتقدك، كما أفتقد صوتَ الجرس عِندما تكون أنت، وصوتَ خطواتكَ و أنتَ تقترِب من بابِ غُرفتي، نعم إني أستطيع العودة إلى تلك التفاصيل، عندها تختلطُ عندي الخيالات و يُصبِحُ شبَحُكَ حقيقة لدقيقة، يَنظُرُ لي من زاوية الغُرفة حيثُ استلقي مُحاولاً النومَ لأحلُمَ بِك ومن ثُم أستيقظ لكي لا أجِدك بجانِبي، لم أعد أريدُ سماع صوتَ الهاتف، ولا صوتَ الجرس، ولا رؤية أشعة الشمس، فإنكَ أنت من علَّمتني كيفَ أحِبُ هذه الأشياء، وصحيحٌ أني وعدُتُكَ بأن لا أستسلم، ولكني أتمنى لو أنكَ معي.
لقد كُنتَ أنت من أخبروني بأنَهُ مريض، نعم لقد كُنتَ أنت من كانَ على سريرِ الموت، ولم يكُن بيدي حيلة أشاهِدُكَ و أنتَ تستلِم لخلايا جِسمك التي ثارت ضِدك، لو إني استطعتُ قتلها أو نفيها، فإني أفتقدُكَ كما تفتَقِدُ الأم وليدها، والشجرة تُربتها، لم يكُن بيدي حيلة... تعالَ وأنضم لي في الحياة، أو سآتي وأنضم لك في الموت، لأني لستُ مستعدٌ لقول الوداع فاليوم كُنت سَتُصبِح في السادسة و العشرين، وهذا الصمت يبتلِعُني وَيَقودُني إلى بابِ بيتِك حيثُ أدق وأدق و أنتظِرُ حابِساً أنفاسي لكن ما من مُجيب أو سيطرة على دموعي، فلا، لم يعُد هنالكَ شيءٌ سوى أنا و حبي لك الذي لم ولن يمت.
تعالَ واستلقِ معي فمن الصعب عدم الهلوسة بشبحك قبل وقت نومي، كي أحافِظَ على عقلي منَ الجنون و الهُروب سَمَحتُ لَهُ بالإيمان بأشياء لم أكن أفعل سابِقاً، فكم من المَرات يُمكِنُني أن أذكُرَك قبلَ أن تموتَ ذِكراك؟ أو أن أتكلَمَ معكَ قبل أن أفقدَ صوتي للصُراخ؟ أو أن أراكَ قبلَ أن يذهبَ بصري للبُكاء؟ فلمساتُك لم تعُد تهَّوِن مأساة ذاتي المُهَمشة، و الكونُ بدأ بإكمال طحنِه لمشاعري لِيستخدِمها كبارود ليحرقني بِهِ حياً، و يستخدمُ رمادي لوناً أسوداً ليصبُغَ روحي مِن حُبكَ المُحتاج داخِل كياني و صورَتي الميته.

08‏/11‏/2012

اغتِصاب مُنذُ الوِلادة


اغتِصاب مُنذُ الوِلادة



تمُرُ  في حياتِنا ككُلَّ يوم تفاصيل صَغيرة لا نأبه لوجودِها أو مرورِنا بِها، مما يجعل من الحياة أسهل و أسلسَ للعيش، ولكن هذا ليسَ بخيارٍ عندَ صديقي "ي" فهُوَ تعلمَ الدرس مُنذ نعومةِ أظافرهِ. فبدأ بقوله لي: "شو كان قدامي خيارات! ما كنت طفل ما بعرف شي بحياتي لسا."؛ كُنا جالسين على أحد مقاعد الحديقة العامة، وأحاوِلُ أن جعلهُ يرتاح في كلامه و يفتَح قلبهُ لي فالثقة لم تعد ميزة ليتمتع بها مع أيّ شخص حتى لو كانَ يعرفهُ مُسبقاً.
بدأ بقولِه: "كُنتُ في سِنِ الحادية عشر، وكانَ بيتُنا في حالة يُرثى لها، أراد أبي أن يقومَ بِبعض أعمال التصليح فيه، فانتقلنا إلى شقةٍ كانَ قد استأجرها لنا ريثما تتم عمليات التصليح في المنزل، كانت الشقة صغيرة نسبياً، ولحُسنِ الحظ – كما اعتقد حينها – لم يَكن يوجد سوى أنا و أخي الكبير، فأختي قد تزوجت منذ فترة ليست بالطويلة. اخذ أبي و أمي الغرفة الكبيرة، وأعطيانا الغرفة الصغيرة، كانَ ابي يأتي في كُل ليلة ليتفقدنا ونحنُ نائِمان، ولكنهُ بعدَ فترة لم يَعُد يأتي بسببِ تَعبِهِ من مراقبة العُمال ز الذهاب من هنا إلى هُناك، في ليلةٍ لم أعد أذكر متى، صحوتُ على صوتِ سريري يهتز ويُصدر أصوات صرير، فتحتُ عيناي وإذ بظِلِ أخي الكبير وهو بجانبي في سريري، كُنتُ خائفاً فظلهُ كانَ يُشبه الوحوش الليلية التي كانت تروي أمي قصصها لي، لكن ارتحتُ وذهبَ الخوف عِندما علمتُ بأنهُ أخي الكبير وسرعانَ ما عُدتُ للنوم.
بدأ بمُداعبةِ وجهي بأصابِعِهِ، مرةً واثنتان وثلاث، ثُمَ أخذ يدي ووضعها على عضوهِ الذكري، بفطرتي أحسَستُ بأن ما يَحدُث هُو خاطِئ، فابتعدتُ و سحبتُ يدي، لكن أخي تحدثً معي و أخبرني بأنَ هذا شيء طبيعي ويحدُثُ غالِباً بين الأخوة، ولكن عليكَ أن لا تُخبِرَ أحداً بِما يَحصُل... ما أدراني أنا! فهوَ كانَ يكبُرني بعشرِ سنوات، ولم يكُن عِندي الجرأة الكافية للقول لأي أحد، حتى لو امتلكتُها فما الذي سأقوله؟!... استمرت الأحوال هكذا على مَرِ اسبوعان، عِندها حاولَ اخي تصعيد الحالة، حاوَل عندها نزع ثيابي عَني و الاقتراب، فلم تَعُد المُداعبة تكفيه. عندها خُفتُ كثيراً و بدأتُ بالبُكاء؛ عِندها حاولَ تهدئتي و كانَ جالِساً فوقي، لا أعتقد بأنهُ كان يعلم بأنه لو ابتعد عني لكُنتُ هدأتُ سريعاً، أصواتي وَمُحاولاته جَعلت أبي يستيقظ و يدخُل الغرفة ليجد أخي فوقي و أنا أحاوِل التَملُص و الابتعاد والدموع في عيني. غضِبَ أبي و ابعدهُ عني و أنبَهُ بعض الشيء؛ لم نَعُد ننام في نفسِ الغرفة وهذا أقسى ما أذكر أن أبي فَعَلهُ مع أخي.
القصة مَرَّ عليها أكثر من خمسة عشرَ عاماً و للآن لم تفارِق غُرَفَ عقلي، ولم يتحدث بها والدي معي أبداً، لم أتكلَم مع أخي من حينها حتى عندما أقام زفافه لم أستطع الذهاب، فأنا لا أعتقد أني في يوم من الممكن ان أغفر له، فمع كُل شاب أخرُج معه أرى وجهَ أخي، وبكُلِ محاولةٍ لي بالتعبير عن نفسي أرى أخي، فهو قد أصبحَ سجاني بحُكمِ المؤبد الذي حكمهُ عليَّ جَهلي، ونرجسيَةُ أخي، وصمتُ أبي...".

تم النشر في مجلة موالح... المجلة السورية الأولى من نوعها التي تعنى بمشاكل "الميم" في سوريا...
لتحميل العدد إضغط هنا...