‏إظهار الرسائل ذات التسميات موالح. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات موالح. إظهار كافة الرسائل

06‏/05‏/2013


اشتمام المعلومات

بناءً على آخر المعلومات المجموعة عن طرق التجسس على المعلومات، فإن أكثر طريقة شائعة للقيام بسرقة المعلومات هي "اشتمام المعلومات"، أو ما يدعى "Sniffing"، وهي نوع من أنواع التجسس على شبكات الحواسب عوضاً عن التجسس على الهواتف. لم تصبح هذه الطريقة معروفة ومتداولة إلى أن وصل الإيثرنت، المعروف باسم "الشبكة المشتركة" الذي يعني بأن المعلومات التي تعبر من تلك القطعة يجب أن تعبر مخدمات متعددة للوصول إلى المخدم الأم. تم وضع فلاتر على قطع الإيثرنت لتمنع الجهاز الأم من رؤية المعلومات الصادرة، لكن يوجد برامج لإلغاء تلك الفلاتر، وعلى هذا يمكن رؤية جميع المعلومات.
يدعى من يقوم بهذه العملية "Sniffers"، الذين يقومون بمراقبة تدفق المعلومات عبر شبكات الكومبيوتر، يمكن استخدام برنامج خاص لهذه العملية أو قطعة خاصة مع برنامج مناسب لها، يقوم هؤلاء بمراقبة البيانات على الشبكات ويقومون بعمل نسخ عنها ولكن بدون تحريف أو تعديل عليها، البعض يعمل فقط مع بروتوكول TCP/IP، لكن كلما زاد تعقيد الأداة، كلما كانت قادرة على التعامل مع أنواع بروتوكولات أكثر مثل إطارات الإيثرنت. كانت تلك الأدوات سابقاً حكراً على مهندسي الشبكات، ولكن في أيامنا هذه، هذه الأدوات تستخدم بين المخترقين الذين تهمهم الشبكات، يوجد العديد من تلك البرامج المجانية على الانترنت.
انتشرت هذه العملية، مع انتشار وتوافر البرامج المجانية للقيام بها، ومع زيادة عدد الشبكات اللاسلكية التي تبث كماً هائلاً من المعلومات مثل، كلمات مرور أو أسماء مستخدمين، عند الحصول على تلك المعلومات عندها يمكن لذلك الشخص الدخول إلى النظام والشبكة بكل سهولة.
بعيداً عن البشر، فإن عملية اشتمام المعلومات يقوم بها العديد من برامج الانترنت والحاسوب، ونخص بالذكر هنا متصفحات الانترنت وأغلبية مواقع الانترنت، تدعى هذه العملية "Browser sniffing" وهي تقنية مستخدمة في المواقع وبرامج الانترنت لتقوم بتحديد متصفح الانترنت الذي يستخدمه الزائر، وتقدم المحتوى المناسب والأفضل لذلك الزائر. يُمكن استخدام هذه المعلومات في إيجاد طرق حول أداء بعض المتصفحات مع بعض التطبيقات واللغات البرمجية، وللمحافظة على رؤية محددة لمطوري البرامج والمتصفحات، والجدير بالذكر هو وجود طريقتين عمل لتلك العملية. الأولى تدعى "Client-side sniffing" والثانية "Server-side sniffing"، في الطريقة الأولى والتي تخص المستخدم، يمكن لمواقع الانترنت استخدام لغات البرمجية المختلفة مثل الجافا، والتي يتم ترجمتها من قبل وسيط ومن ثم ارسالها إلى سيرفر ما. لا توفر هذه العملية أية معلومات في بعض الأوقات لوجوب وجود موافقة من طرف المستخدم على بعض العمليات، على الرغم من ذلك، لتحديد العديد من الميزات المتوفرة بدون الاعتماد على المستخدم، يتصل السيرفر مع الوكيل مستخدماً بروتوكول تواصل معروف مثل HTTP، المعلومات المتبادلة بين السيرفر والوكيل عادة ما تحتوي على معلومات عن المتصفح وطريقة عرض الموقع عليه.
عادة ما تكون عملية جمع البيانات خطيرة وذلك يعود لعملية تدعى "Browser Hijacking"، والتي تستغل الثغرات وأماكن الضعف في المتصفح لتستخدمها في طرق تخدم ذلك الشخص الذي يقوم بالعملية. تسبب العملية عادة أن يقوم المتصفح بفتح صفحة جديدة أو أن يغير الصفحة الرئيسية التي تستخدمها، أو أحياناً يكتفي بمراقبة ما تفعله ومن ثم يسرق منك البيانات التي يستطيع أخذها. يوجد العديد من الطرق للقيام بهذه العملية وسنقف عند بعضها لمناقشتها ومحاولة منعها من الحصول.
1 – نقاط الضعف الموجودة في إضافات المتصفح:
كل المتصفحات حتى الغير اعتيادية منها تستخدم إضافات لإيصال قدرات جديدة على إظهار محتوى الموقع، أغلب هذه الإضافات تكون جيدة للاستخدام لكن بعضها أحياناً يكون مكتوباً بطريقة ضعيفة مما يجعل من متصفحك عرضة للاختراق، الجافا مثال جدير بالذكر هنا فهي من أكثر الإضافات المعرضة للاختراق. يمكنك حماية نفسك من نقاط الضعف هذه بطريقتين، تأكد من تحديث جميع الإضافات على المتصفح، وتأكد من إزالة تلك التي لا تستخدمها أبداً أو ما ندر، وعلى مستخدمي فاير فوكس أن يتنبهوا إلى أن مصطلح Add-ons لا يعني Plug-ins.
2 – تحميل برامج غير مرغوب بها:
عندما تتصفح مواقع تحميل غير موثوق بمحتواها، فإنك غالباً ما ترى محاولات من الموقع بإقناعك بتحميل برامج قبل تحميل البرامج التي تريد، فيضعون دلالات مثل زر تحميل يأخذك لغير ما تريد، وأحياناً يعطونك برنامج للتحميل خاص بالموقع لتستطيع الوصول للتحميل الذي تريد، لتتفاجأ لاحقاً بأنك مجبر على تحميل برنامج ما قبل تحميل برنامجك أو أن البرنامج قد زرع فايروس فقط ولم يعمل. يمكنك حماية نفسك بسهولة من هذه الخروقات عن طريق التأكد من المواقع التي تجلب منها برامجك، ويمكنك فحص أي برنامج حملته من النت ببرنامج فاحص فيروسات للتأكد منه.
3 – أشرطة الأدوات:
هذه الظاهرة منتشرة كثيراً وبالأخص عند تحميل أي برنامج فإنه من ضمن نوافذ التحميل تجد نافذ لتحميل شريط أدوات ما، تستغل هذه البرامج استعجالكم بالضغط على زر المتابعة للانتهاء من التحميل بأسرع وقت، فتنتهي مع إضافات للمتصفحات التي تعمل عليها ولا ترغب بها أبداً، هذه الأشرطة أغلب الأحيان غير مضرة، ولكن في بعض الأحيان، يمكنها أن تكون مضرة بقدر ضرر الفايروس، فبعضها يغير لك صفحتك الرئيسية ومحرك البحث الذي تستخدمه، ويمنعك من تغييرها أو حتى حذفها، وبعضها يقوم بتسجيل كل ما تقوم به ومن ثم إرساله إلى المبرمج. هذه الأشرطة يكون من الصعب جداً أحياناً التخلص منها وحذفها، أفضل طريقة هي مراقبة عملية تنزيل البرامج على حاسوبك وإلغاء الموافقة على تنزيل أي شريط أدوات، وتذكر أن تجلب برامجك من مواقع ذات سمعة جيدة وليس من أي مكان يوفرها لك.
4 – نقاط ضعف من المتصفح نفسه:
في مثل هذه الحالة لا يمكننا فعل أي شيء إلا انتظار مطوري المتصفح لحل هذه الثغرة. ولذلك فعلينا دائماً تحديث المتصفحات التي نعمل عليها أو حتى الموجودة على النظام ولا نعمل عليها. 

www.mawaleh.net

03‏/04‏/2013

معرة النعمان وذكريات متمردة.


ذكريات مُتمردة

عن المعرة:
معرة النعمان مدينة ذاتُ تاريخٍ طويل، فأهميتها لا تكمن فقط في موقعها الذي يتوسط سوريا، ولكن بمناخها اللطيف، وقربها من عدة ممالك قديمة مثل (إيبلا وأفاميا)، شهدت الأرض الكثير من الحروب وعمليات التدمير وإعادة البناء على يد الآشوريين، اليونانيين، البيزنطيين، الفرس والرومان، ودفنت ودمرت سبع مرات، وكانت ثامنتها مؤخراً أثناء الحرب في سوريا.

قيل في تسميتها أن "المعرة" هو اسم كوكب في السماء، وقيل أنه المُصيبة أو الشدة، بينما يؤكد البعض الآخر أن أصل الاسم سيرياني من "معرتا"، الذي يعني المغارة لكثرة المغارات فيها، كما سُميت بالكثير من الأسماء مثل "آرا، ومار".

يوجد في المعرة الكثير من المباني التاريخية القديمة التي صمدت في وجه الحروب، أهمها متحف المعرة، والجامع الكبير، وضريح أبي العلاء المعري، الذي أصبح مركزاً ثقافياً ومكاناً لمهرجان الاحتفال بالشاعر أبي العلاء المعري.

رهاب المثلية في المدينة كبير، وينطبق على ذوي الميول "السالب" أكثر، بينما يمكن "للموجب" التفاخر والتحدث بما يقوم به اعتباراً أن تصرفات كهذه "تتلاشى مع مرور الوقت وزواج الشخص"، فهم لا يعترفون بوجود المثلية، مما أدى إلى عدم تشكيل أي مجتمع مثلي في المدينة، واضطر بعض شبابها المثليين إلى الهروب لعيش حياتهم المثلية خارج المدينة.
الذكريات المُتمردة:
اعتدت أن أسمع في القصص والحكايات عن أجمل الأماكن وفي الوقت ذاته أكثرها ظلمة، عن أناسٍ لا ترى سوى النور، وآخرين لا يروا سوى الظلام، في القصص كانت الأماكن والناس تتغير على حسب الراوي أو وقت نقل الرواية. بكل نسخ الرواية، وكل الأماكن الي سمعت بها، المنيرة والمظلمة منها، كلها مجتمعة داخل ذاكرتي في بقعة أرض، ليست بحجم ندفة ثلج على كف الأرض، وليست بحجم كف يد خيالي ما، بقعة أرض كانَ لي بها ما كان من ذكريات الطفولة السعيدة، والحزينة، وكان من ذكريات الشباب، وبعض الذكريات التي أدعو لها دائماً بالنِسيان.

أصبحت الذكريات مجرد أوراق مبعثرة على رصيف معراوي، مع كل الأحجار المتساقطة من المبنى المُجاور لذلك الرصيف. أصبحت الذكريات مجرد كلمات مع خيانة الصوت لسلام وصمت الأيام، وتساقط البشر كما تتساقط أوراق الشجر، أصبح الليل مكسواً بالخوف، والنهارُ مكسواً بالموت، عِندها أردتُ التعلق بكل ذكرى، وتلك التي كنت أصلي لها النِسيان، أصبحتُ أرجو مِنها أن تبقى حية كي لا أنسا أيَّ مكان ولا أحرق أيَّ صور. بعضُ السنين من الوحدة، وبعضُها الآخر من الحِرمان، كان الآخر يرفض التصنيف فوضع نفسهُ بين سنين الانعزال. في تلكَ الأرض الوحدة كانت عنوان لشوارع كثيرة كنتُ أمشيها عاري القدمين، أنحتُ على جدرانها أسماء أناسٍ كنتُ أتخيل صداقتهم، وآخرين أتخيل مداعبتهم. في تلكَ الأرض لا يوجد من يسمعك، ولا من يحضنك، ولا من يُقبلك، لا يُوجد حدائق أو حمّامات، كُل ما يوجد هو بعضُ التماثيل والأقنعة التي شحبت كل تفاصيلها من كُثرت الاستخدام والاستعارة، وبعض بقايا مما يُدعى إنسانية.

على الرغم من أن الضغط لا يمكن احتماله في بعض الأحيان، ولكن عندما تكون هذه الحياة هي خيارك الوحيد، تصبح كل تفاصيلها، ونزواتها، وتماثيلها، وأقنعتها أمور حلوة المذاق حتى أحياناً مرغوبة، ومع ذلك فهي الطريق الوحيدة للهروب مع واقع آخر أسوء منها. كل الخيارات التي تأخذها، تأخذك بشكل أعمق إلى داخل روحك لتبتليها بالسواد والاضمحلال. لم يكن يوجد في شوارع المعرة سوى أضواء كهربائية، وخيوطٌ تدير الناس كما لو أنهم في مسرحية، وبعض آمالٍ لي حلمتُ بها بأن أستطيع طلاء جُدران الشوارع بالأبيض وبعض الأخضر، وأن يدخُل الحُب في قواميس أهلها لما هو مختلفُ عنهم، وأن يستطيع شبابُها التخلص مما يُزرع في عقولهم، ويبدأ الرد وعنونة الأفكار بأسماء تخصهم وليسَ مُستعارة أو مكتوبة مُسبقاً، فقد اكتفى المجتمع من التلقين، وأصبح يَحتاجُ إلى نسخ جديدة غير قابلة لنسخ ذاتها على الآخر.

تم النشر في مجلة موالح المجلة السورية الأولى والوحيدة المختصة بقضايات المثلية في سوريا...

02‏/04‏/2013

موالح عدد شهر نيسان "عدد سوريا"


تم اصدار عدد نيسان من مجلة موالح، المجلة السورية الأولى والوحيدة التي تناقش وتدافع عن قضايا المثلية الجنسية في 
سوريا.
للذهاب لصفحة المجلة على الفايس بوك:
موالــــــح

09‏/01‏/2013

موالح يناير 2013

العدد الجديد من مجلة موالح متوفر الآن للقراء وللتحميل:
للقراءة: من هنا
للتحميل: من هنا، هنا، هنا
Mawaleh first Syrian LGBTQ magazine issued the new Jan2013 issue
or you can check the links above


07‏/11‏/2012

موالح عدد تشرين الثاني...

موالح... معاً نحوَ سوريا أفضل للمثليين...

صدر العدد الجديد من موالح لشهر تشرين الثاني؛ عذراً على نشره مؤخراً...

للتحميل من عدة مواقع:

للتحميل المباشر من ميديا فاير:

و لقراءة العدد على الإنترنت يمكنكم الذهاب مباشرة من هنا...


14‏/10‏/2012

كاسة شاي و موالح


كاسة شاي و موالح

في ليلةٍ حارةٍ نسبياً؛ كنتُ جالِساً أمامَ حاسوبي وحيداً؛ أفكر بِما سأكتُب للمجلة في العدد القادِم! مع عددٍ من الأفكار العشوائية و الفوضوية؛ و التي مع فوضويتِها سبحتُ بعيداً في عالمٍ من الخيال الأصفر؛ حيثُ وجدتُ نفسي في عالمٍ أفضل؛ في عالمٍ يتمُ به صناعة الإنسان لكونهِ إنسان و ليسَ للتِجارة بإنسانيتِهِ كسلعة في سوقٍ يَعرضُ كل ما هو طبيعي خلف قضبان الأحكام المُسبقة و الجهل و المجهول...
أصحاني الهاتِفُ برنينه الذي بدى لي أقربَ إلى الأنين؛ رفعتُ السماعة و أجبتُ كالمعتاد بـ "ألــو"؛ كان صديقي على الخط؛ يدعوني للذهاب إلى منزِله، فهو قد دعا صديقانا الآخران اللذان أنهيا علبة السجائِر؛ فقد سمعتهما في الخلفية يخبرانه بأن يقول لي: "دعهُ يجلب معهُ علبة سجائر من نوع بنتلي"؛ كُنتُ متردداً جداً في الذهاب فالأوضاع لا تسمح كثيراً، و الوقت كانَ قد اصبحَ بعد المَغرِب؛ قُلتُ لنفسي ما الضرر! "الي بدو يصير، يصير"؛ أغلقتُ سماعة الهاتف و طلبت سيارة أجرة لأن منزل صديقي بعيدٌ جِداً عن منزلي؛ وَصلت سيارة الأجرة و وصلنا سوياً إلى منزِل صديقي؛ عِندها استقبلني بفتحِ باب البِناية الأول؛ فصعدتُ الدرج؛ ثُمَ فتح الباب الثاني و الثالث عندها وصلت إلى باب الشقة الذي كان الرابع في العدد؛ لم أستَغرِب فهذا طبيعي في هكذا أوضاع أو حتى أقل من طبيعي؛ الابتسامات كانت ما لاحظتهُ أولاً و مِن ثُم القُبل الخدية و الكتفية المُعتادة؛ دخلنا سوياً و للمُفارقة أخذني لنجلس على البلكون؛ بعدَ كُل تلك الأبواب! و كالعادة وَجدتُ صديقي الأول مُتفَرِعاً و يَضرِبُ كرشه بيدهِ مُفاخِراً بِه و هو يأكل ما تبقى من صحن الفواكه المِسكين؛ و الآخر كان ينظُرُ له بامتعاض و خوف لأن الأول كان يُحِبُ ضربهُ للمزح كما كان يضرِبُ كرشه؛ جلستُ و قبل أن آخذَ أيّ نفس؛ أخرجتُ علبة السجائر من حقيبتي و أعطيتهما إياها؛ فرأيتُ نورَ و سعادةَ أسنانِهما الصفراء تَشكُرني على ما جلبت؛ فالمصبوغ يحتاج إلى الصابغ ليبقى على صبغته.
فُتِحَت علبة السجائر وَ وُزِعَّت السجائر؛ أنا كنتُ قد تركت التدخين من فترة طويلة لذلك لم أشارك؛ ثُم بدأ النِقاش و كأنهُ وُزع مع الدخان؛ تكلمنا بالأوضاع الحالية و السياسية؛ و أخذنا دور المحللين السياسيين و سبحنا في التحليل و الخيال؛ و كأننا كُنا على دراية في اللعبة السياسية؛ و مِن ثُم أصبحنا خُبراء طبيين؛ فواحِدٌ من الأصدقاء كان بالفعل يدرس الصيدلة و لكنه دائماً ما يمتعض من سؤال أي شخص لهُ عن الامور الطبية؛ فَسُرعان ما انقلب النِقاش؛ و أصبحنا عِندها علماءً في الدين و تناقشنا بفراغٍ تام؛ كما استلمَ هذا الحديث صديقي الآخر فهو أقرب إلى ما يُدعى رجُل دين و لكنه ليسَ بِواحِدٍ مِنهُم، كما انتهت الأحاديث السابِقة انتهى هذا الحديث و لكن مع صوتِ زخاتٍ مِن الرصاص من أسلحةٍ خفيفة و من ثُم تَبعها أقربائُها من الأسلِحة المتوسطة و الثقيلة و أختهم الكبيرة قذيفة الهاون... فسارعنا الدخول من البلكون إلى غرفة الضيوف؛ حَيثُ كانَ للجلسة نكهة أخرى؛ و بالأخص مع قدومِ الشاي و الموالِح...
مع الشاي و الدُخان المُتصاعِد من ابريقِها الذي استهلكتهُ ألسنة النيران؛ بدأت المواضيع الضبابية بالصعود إلى أسطُح أدمِغتنا؛ فتكلمنا مرة أخرى في السياسة؛ و أخرى في حقوق الإنسان؛ و مرة أخرى في العواطِف و الأحاسيس الإنسانية – هذا الموضوع كانَ دائماً ما يفتحهُ أصدِقائي للسُخرية منه -؛ لا أدري و لكن أتاني احساس غريب عِندما نظرت إلى صديقي الثالث و الذي كانَ يدرُسُ الفلسفة؛ فقد كانَ يعتلي وجهَهُ ابتِسامة خضراء؛ مِن نوع "سأفتَح موضوع يَقلب الجو"؛ طبعاً قلت لنفسي "سيفتح موضوع المثلية"؛ و نعم كُنتُ مُحِقاً؛ فهُوَ دائماً يَفتَحُ موضوع المثلية لأهدافٍ أعلمُ بعضها؛ بدأت الابتِسامات تتعالى لتُصبِح قهقهات عندَ الصيدلي؛ و تبقى ابتسامات عريضة صفراء عند الاثنان الباقيان؛ فموضوع المِثلية دائماً ما يُحضِر الفكرة الجِنسية عِندهم بغض النظر عن عنوان الموضوع المَطروح للنِقاش أو مَذهبة أو مُنحناه.
فَتحَ الموضوع صديقي؛ و ثُمَ ابتعدَ و أخلى الساحة لصديقنا المُتدين؛ الذي انخرطَ مُباشرةً بِما لُقِن من قبل الآخرين؛ و بدأ بانشراح و انفتاحيه؛ شرحَ "شذوذ الفِعل" بدون الاضطرار منه للإتيان بأي دليل منطقي أو حجة عقلية؛ بل اكتفى بالقول و التَفاخُر بالقدوم للفعل الجِنسي من الأمام و "طبيعية الفِعل"؛ و أن القدوم من الخلف هو أمر غير طبيعي؛ و لم يجرُؤ على التكلم و القول: "حتى الحيوانات لا تأتي هذا الفِعل"؛ فقد أقنعته من أكثر من شهران بأن المملكة الحيوانية تفعلها و بتنوع أكبر من الإنسان؛ الآن قد تطور موقفه لكي يقتنع بأنّ حتى الغريزة الحيوانية تتطور بشكل مختلف و ليس لها علاقة بأي تصرف فطري و أن الاتجاهات الجنسية عند الحيوان لا تولد معه بل تتطور كما يحدث عند الإنسان – على حسب زعمه – و طبعاً كان حديثه من دون أي حجة أو دليل – فقط كلام – تجاهلت النقاش كله؛ لأنه و مع وجود أي كلام للتحدث به فكلامه كانَ خاطئاً بكافة المقاييس الدراسية "النفسية؛ و البيولوجية؛ و الطبية...إلخ"؛ أردتُ أن أعلم ما هو الاعتراض الأكبر في العلاقة المثلية؛ فسألتهم واحداً تلو الآخر؛ فكان الجواب المُشترك من الثلاثة؛ بأنهم يقبلون المثلية و أنها موجودة في المُجتمع و يحترمون المثليين؛ و لكن الاعتراض كان على العلاقة الجنسية؛ و بتعبيرهم "كيف بِنام شب مع شب؟!!!"؛ مع تعابير القرف و الازدراء على وجوههم و التي حفظتها و عرفتُ سببها الرئيسي و الذي هُوَ وضعُهم أنفُسهم في خيالهم مكان أي مثلي و قيامهم بالعلاقة خيالياً مكانه؛ مما يُحفّز عِندهم عقدة الرجولة؛ هم ليسوا ما يُمكننا دعوتهم بـ "Homophobic"؛ و لكن من وجهة نظر أحادية الاتجاه فهم كذلك؛ فقد أعلنوا و بصراحة تامة – ماعدا صديقي المُتدين - عن إمكانية قيامهم بالعلاقة المثلية إذ ما كانوا هم من يقومون بفعل الإدخال؛ و كان خوفهم و نفورهم الأكبر من العملية العكسية و حصولها معهم؛ فما فعلته عقدة الرجولة و انفتاحهم على شيء جديد في الحياة قد جعل من عقولهم تتماشى مع التيار العام الغربي أكثر منه العربي؛ في تقبل المثليين و الخوف منهم في وقت واحد؛ و بالإضافة إلى أنّ هذه الحجة لم تكن كافية؛ لأنهم كانوا مقتنعين بفكرة إقامة علاقة مع فتاة و إتيانها من الخلف بدلاً من الأمام؛ و كلنا نعرف لماذا يتم ذلك في مجتمعاتنا الشرقية؛ على حسب ما قالوا: "بتضل هديك بنت مو شب"؛ مما يعني و بشكل واضح أنهم لم يكونوا مهتمين "بشذوذ الفِعل" أي طريقته؛ بل كانوا يهتمون إلى جنس الطرف الآخر؛ هذا طبيعي لأي غَيري؛ و لكن من غير الحق إدخاله في نقاش ليس له أي علاقة به؛ فإذا كان اعتراضهم على قدوم الطرف الآخر من الخلف؛ فعليهم ان لا يأتوا الطرف الآخر الذي ينامون معه من الخلف أيضاً؛ لكي تصبح حجتهم مقبولة بشكل عام.
بالإضافة إلى كل هذا فنكهة الملوحة و الحلاوة من الموالح و الشاي؛ كانت و كأنها تساعد على استمرار الحديث؛ فقام صديقنا المتدين بقلب الحديث كلهُ و أتى المثلية من وجهة نظر مختلفة؛ مُعتقداً بأنها وجهة نظر حضارية أكثر؛ و قال و أقتبس: "هم أناسٌ شواذ و مريضون؛ و يحتاجون إلى العلاج؛ و بقبولهم و احترامهم يمكن تحقيق ذلك"؛ طبعاً وافقهُ الاثنان الباقيان – كالعادة -؛ و لكن بدون النظر في هذه العبارة و ما تحوي من معانٍ مُبطنة؛ و لكن أعتقد أن القبول الفوريّ أتى لقرب توليف هذه العبارة من التوليف الاجتماعي لعقل الشاب و توقعاته مِنه (الوِراثة الاجتماعية)؛ فالعبارة هذه كانت تخبأ بين سطورها معانٍ كثيرة؛ فالمرض النفسي أم الجسدي لهما ثوابت و لا يحتاج بالضرورة إلى تقبل المجتمع لهما أو احترامهما؛ فإذا وجدت خطوات للعلاج فإن الوصول إلى نتيجة سيتم عن طريق المرور بتلك الخطوات؛ و بالنسبة للمثلية فإن تقبل النفس أساس بها؛ بغض النظر عن تقبل المجتمع لها؛ فنحن نعيش حيواتنا على كافة الأوجه و نشارك في المجتمع و نذوب و ننحل به و نقدم له و نأخذ مِنه؛ و وصفنا بالمريضين و الشواذ هو أمر غير دقيق؛ فالمرض كانَ جسدياً ام نفسياً؛ سَيَمنعنا من القيام بواجباتنا الاجتماعية و التواصل مع الأفراد؛ و هذا غير صحيح عند المثليين؛ فنحنُ كما قلت من المُجتمع و فيه.
و يوافقنا في هذا الرأي عالم النفس الشهير "سيغموند فرويد"؛ فهو كان يعتبر أن البشر جميعاً يولدون مزدوجو الجنسية "Bisexual" و من ثم تجاربهم و خبراتهم مع الأهل و المجتمع تحدد اتجاهاتهم الجنسية؛ و على الرغم من هذا؛ فإن فرويد كان يرى بأنه لا يجب النظر إلى المثلية الجنسية من منظور الأمراض العقلية؛ و قد بدى ذلك واضحاً في رسالته الشهيرة إلى أمٍ أمريكية في عام 1935، كتبَ فرويد بِها: "
الاحادية الجنسية و بكل تأكيد ليست بميزة؛ و لكنها ليست شيئاً لِلخَجل مِنهُ؛ و ليست بخطيئة؛ أو انقاص من قدر الشخص؛ و لا يمكن تصنيفها كمرض؛ نحنُ نعتبرها كتنوع للعملية الجنسية و المُنتجَة عن إيقاف مُحدد لتطور جِنسي ما. فالعديد من الأشخاص المحترمون بشكل كبير في العصر الحديث أو القديم قد كانوا مثليّ الجنسية؛ و كانَ مِنهُم العديد من الرجال العظماء مثل (أفلاطون، مايكل آنجلو، ليوناردو دا فينشي...إلخ)؛ و إنهُ من غير العادل أن نُحاكم المثلية الجنسية على أنها جرم، و أن نعامِلهُم بِعُنف أيضاً..."(1)
على الرُغم من أنّ النظريات لعلم النفس التحليلي منذُ فترة كانَ لها تأثير كبير على التطبيب النَفسي؛ و في الحضارات الكبيرة؛ لم تَكُن تلكَ التحاليل عرضة للفحص التدقيقي المبني على الخبرة و المراقبة؛ عوضاً عن ذلك؛ كانت مبنية على تحاليل عياديه مبنية على أسس المُراقبة لِمرضى قد عرفوا بأنهم مثليوا جنسية مُسبقاً.
و لكن هذه العملية تحوي على مشكلتين أساسيتين: "
أولاً – هذه العملية تعَّرض عملية التحليل النفسي لتشكيك في صحتها؛ أولاً؛ فإن اتجاهات المحلل النظرية؛ و توقعاته؛ و موقفه الشخصي؛ من المحتمل جداً أن تحَّرِف أو تشوه مراقباته.
ثانياً – المشكلة الثانية في هذه الدراسات التحليلية أنها فحصت مثليي جنسية تحت الرعاية الطبية النفسية؛ الذين يبحثون عن علاج أو رعاية طبية من نوع ما؛ و هذا لا يمكن أن يشكل أو أن يُمثِل التجمع السكاني كله؛ فإنه من الخاطئ أن نحكم على جميع مُغايري الجنس من بيانات تم أخذُها من مريضين نفسيين غيريين؛ و على هذا لا يُمكننا التعميم على بقية مثليي أو مِثليات الجِنسية."
و لكن يؤسفني القول في النهاية أنّ بعض علماء النفس و أطباء النفس ما زالوا يتمسكونَ بآراءٍ و تصرُفات شخصية سلبية اتجاه المثلية الجنسية؛ كما يفعل بقية المجتمعات في الوطن العربي و بعض المجتمعات الغربية أيضاً؛ و لكن؛ الدليل التجريبي و الثوابت الحِرَفية لا تدعم فكرة أن المثلية الجنسية هي بأي شكل مرض عقلي من أي نوع؛ أو أنها بِشكلٍ وِراثي مُرتبطة مع علم الأمراض العقلية...

تمّ النشر في مجلة موالح عدد أوكتوبر للاطلاع عليها و تحميلها الرجاء الضغط على أحدى الروابط:
http://www.mediafire.com/view/?eecetj32y8tyu23
http://www.ziddu.com/download/20554850/mawaleh-002l.pdf.html
- للذهاب لصحفة الفايس للمجلة: موالـــــــح