10‏/01‏/2013

شاب من كون مُختلف


شاب من كون مُختلف
حُب وشهوة
نور معراوي – Nour Maarawi
sgayrights@gmail.com


في لحظة ولادة بعد انتهاء المرحلة الابتدائية في حياتي، ومُشارفة انتهاء المرحلة الاعدادية. كانت تلك الفترة مليئة بلحظات الولادة؛ بأقل ما يُمكن القول عنها. في الفصل الدراسي الثاني من الصف التاسع، عِندما دَخَلَ أول كومبيوتر إلى غرفتي، بعد فترات طويلة من الضغط ونزع الشعر من على لساني. كُنتُ مُتحمساً جداً للأبواب التي تفتحت أمامي، فليسَ حاسوباً فقط بل وإنترنت أيضاً... لم أعطه اهتِماماً كبيراً في بداية الأمر؛ كُنتُ اعتبر عِندها أن دراستي أهم مِنه – على الأقل في بداية الأمر-؛ فلم أجلس على كرسيه بشكل منتظم إلى أن انتهت الامتحانات لما كانَ يُدعى بمرحلة الشهادة الاعدادية. أخذتُ نفساً عميقاً كمن يُريد ابتِلاع الهواء كُله، مع ما كان يحتويه؛ جَلستُ على الكرسي وكأنهُ عرشٌ سيأخذني إلى الكونِ كُله بل أوسع من ذلك.
نِظام التشغيل كانَ أول ما يواجهني، لم يَكُن بالأمر الصعب، إلى أن حاولت الاتصال بالإنترنت! أنشأتُ أول اتصال وكان مُخدم البريد "190" هو من يزود الخدمة حينها. جلستُ أستمع إلى أصوات الطنين وإعادة المحاولة إلى أكثر من ساعتين متواصلتين؛ في النهاية توقف الطنين وغرّد صوت الاتصال؛ فرحتي كانت كبيرة كما كان جهلي وخوفي مما سيحدث. فتحتُ المتصفح وظهرت صفحة بها كتابة ملونة ومُربع فارغ؛ كَتبتُ في ذلك المُربع الكلمة التي أخذتُها شعاراً لي منذُ مدة "شاذ"؛ انتظرتُ وقتاً لعرض النتائج لأرى وأتفاجأ بالكم الهائل من الناس والمواضيع التي تُناقش هذهِ الكلمة؛ فأنا كُنتُ أعتقد أني الوحيد، لم أتوقَع أن أرى هذا الكم؛ مَرت الساعات كما مرت الأشهُر وأنا على هذه الحال، كانت كلمةُ "شاذ" قد أخذتني إلى مواضيع أقنعتني بأن مثليتي هي أمر شاذ عن الطبيعة وأني مريض نفسياً أحتاجُ إلى علاج قد يدوم طويلاً وقد يصل إلى العلاج بالصدمات الكهربائية في مُعظم الحالات. نعم لقد كُنتُ مُقتنعاً بمرضي ولكن لم أخبر أحداً فثقتي بعائلتي لم تَكُن بأفضلِ حالاتِها، ولا بأصدقائي المَزعومين، بدأ العام الدراسي الجديد مع دخول المرحلة الثانوية التي اختلفت ملامح الحياة بِها قليلاً على نفسي، فقد تعرفتُ على من أصبحَ أعزَّ أصدِقائي لاحِقاً وتعرفتُ على من أصبح هوسي أيضاً ومن سُخرية القدر تعرفتُ على أقبح نفسية عَرفتُها حتى الآن؛ وكُلهم مِن طريقٍ واحدة، ولكن لنعُد قليلاً للوراء؛ حالتي النفسية لم تَكُن جيدة، فأنا مريض على حسبِ ما يقولهُ الإنترنت والكثير من الناس عليه مِمَن يزعمون بأنهم أطباء، وخُبراء، وذوي تَجارُب. قضيتُ بعض الوقت مع ذاتي إلى أن أتت فترة إعادة توزيع الطُلاب على حسب أطوالِهم – هذهِ العادة كانت موجودة عندما كانت مادة التربية العسكرية -؛ أعيدَ التوزيع وجلسنا أنا وشخص آخر كانَ لديه مُشكلة في ساقه في المقعد الأول، والذي تعرفتُ عن طريقه إلى شاب آخر؛ كانَ مُختلِفاً عن بقية الشباب الذين عرفتهم فقد كان يوليني اهتِماماً كبيراً ويتصل بي لنخرج سوياً – هذا لم يحدُث معي مِن قبل -؛ أحببتُ فكرة الاهتِمام من ذلِكَ الشابْ، وأصبحتُ أهتم بِه في المُقابِل؛ أصبحت أحاديثُنا تستمر لساعات ومواعِيدُنا داخل المدرسة كانت تأخُذ كل الحصص.
أصبحت الساعات أيام كاملة؛ والمواعيد امتدت إلى كل مكان خارج المدرسة، كُنا كالمُلصقات على الجُدران أينما ذَهب/ أو ذَهَبت نجد أنفُسنا سويةً؛ كان بِه من السحر ما يكفي كي أنسى الدُنيا معه، وما زاد الطينة بلاً هُو اني كُنتُ في قمة رغباتي... 

تم النشر في مجلة موالح... للقراءة من هنا... للتحميل من هنا...

09‏/01‏/2013

أمن المعلومات


أمن المعلومات
الكثير مِنا عندهُ العديد من الأسرار والملفات الخصوصية على حاسوبه، إن كان محمولاً أو مكتبياً. لكن الكثير مِنا لا يعلم مدى سهولة الوصول إلى تلك المعلومات حتى وبدون استخدام الكومبيوتر؛ أو مِن الممكن أن تكون تلك المعلومات مخزنة على كرت ذاكرة، أو فلاشه، أو قرص صلب خارجي؛ هذا لن يجعل منها أكثر أمناً من الحشرية، ولو أنه يجعلها كذلك من الإنترنت مثلاً. لكن ما الذي يمنع أي شخص من العائلة أو من الاصدقاء من حشر أنوفهم إذ ما نسيت حاسوبك أو وسيلة تخزينك معروضة لهم لكي يستخدموها؟.
الشيء الوحيد الذي من الممكن أن يوقفهم هو: حمايتُك لمعلوماتك إما بإخفائها أو تشفيرها. أنا لا أريد إعادة القصص الكثيرة التي تم بها اكتشاف العديد من الأسرار عن طريق هكذا هفوات؛ كما حصل مع أخي العزيز "امي ميداني" والذي تم الكشف بها عن ميوله الجنسية لأهله عن طريق كرت الذاكرة الذي نسيه في البيت. الكثيرون لا يريدون الإفصاح عن هويتهم وإبقائها سِراً؛ فإذا كُنت منهم فتابع معنا؛ وإن لم تكن فستجد ما تستفيد منه.
سنبدأ بمناقشة أمن المعلومات على شبكة الإنترنت لكي نعرف كيف نحمي انفسنا من المُتطفلين في المنزل أو خارجه؛ أو من الشبكة نفسها؛ مع انتشار الشبكات اللاسلكية حديثاً في سوريا يضعنا أمام خطر جديد أغلبنا لا يدري به ألا وهو تسريب أو سرقة المعلومات اللاسلكية، وعادة يتم ذلك عند عدم إعداد الشبكة بشكل صحيح. إذاً ما الخطوات التي علينا أخذُها لتفادي هذه الخُروقات الامنية؟
1 – وضع كلمة مرور لجهاز الكومبيوتر:
كلمة المرور لأي حاسوب؛ شخصي أو مُشترك؛ هي شيء رئيسي جداً؛ مع أنها لن تحمي معلوماتك على الجهاز، ولكنها ستمنع أي شخص على الشبكة اللاسلكية أو المحلية من التطفل والدخول إلى ملفاتك؛ أنصح أيضاً بقفل الجهاز كل مرة تريد تركه حتى ولو لفترة وجيزة بالضغط على مفتاحي: "Win + L"؛ عندها سيتم قفل الجهاز.
2 – استخدام مُتصفح و تحديثه بشكل دائِم:
إن اختيار مُتصفح هُو عملية اساسية في حماية معلوماتنا أثناء تصفحنا للإنترنت، مع وجود الكثير من المتصفحات في الساحة إلا أن القليل مِنها يتم استخدامه بشكل عالمي. بالنسبة لي فإني أنصح باستخدام متصفح "google chrome"؛ الذي اثبت جدارة و كفاءة عاليتان من حيثُ الأداء و السرية.
إذا كُنت تملك جهازاً من الطراز القديم فأنصح بتحميل آخر نسخة منه وبدون أي نوع من الإضافات؛ أما إن كان جهازك من الطراز الحديث فيمكنك عندها التعامل مع أي نوع من الإضافات بدون مشاكل.
مُلاحظــة: كُل المُتصفحات الحديثة تم إضافة خاصية التصفح الخفي إليها "تختلف التسمية من متصفح لآخر"، ما يحدث في هذا الوضع أنه لا يتم تسجيل أو حفظ اي شيء تقوم به في الذاكرة ويتم مسح كل شيء عند الخروج من الصفحة؛ يمكنك التصفح في هذا الوضع بالضغط على "ctrl + shift + N"؛ أنصح باستخدام هذا الوضع إذا كان يوجد عندك عدة حسابات، أو لا تريد حفظ ما تتصفحه.
- تحديث نسخة المُتصفح دائماً إلى آخر نسخة هو أمر ضروري جداً لسد الثغرات الأمنية، التي من الممكن أن تُستتخدم في سرقة معلوماتنا...
3 – استخدام برنامج تشفير بيانات وليسَ برنامج قفل ملفات:
الكثير لا يعرف ان أغلب برامج قفل الملفات مهما كان يبدو عليه قوياً، فهو يقوم فقط بقفل أو تعديل خيارات الوصول إلى المجلد أو الملف فقط، يُمكن لأي شخص مُتمرس إلغاء هذا النوع من الحماية والوصول إلى المعلومات بكل سهولة.
أما بالنسبة لبرنامج التشفير فيعمل على فكرة تشوية البيانات مما يجعل منها صعبة أو مستحيلة القراءة، أو الوصول، أو فك التشفير. يوجد الكثير من تلك البرامج والتي تعمل على كافة أنواع الميديا "الأقراص الصلبة، كروت الذاكرة، الفلاشات"؛ مع استخدامات متعددة وكثيرة؛ ومع وجود الكثير من هذه البرامج وبشكل مجاني كان اختيار برنامج صعباً جداً ولذلك سأذكر برنامجان ولك حرية الاختيار بينها.
1 – Truecrypt: هذا البرنامج من أكثر البرامج المُقيمة على الإنترنت من حيثُ الأداء، والميزات، وسهولة الاستخدام. أنصح باستخدامه إذ ما كان عندك خبرة في التعامل مع الكومبيوتر، أو عمليات التشفير.
2 – Sophos Free Encryption: هذه البرنامج سهل الاستخدام؛ فهو يوفر واجهة استخدام صورية للتعامل مع خيارات البرنامج؛ و يضيف نفسه على قائمة الزر الأيمن للفأرة، مما يجعل من عملية التشفير مشابهة لعملية ضغط الملفات، مع توفر خاصية لحذف الملف الأصلي بعد التشفير مما يساعد على وجود حماية أكبر للبيانات.
4- استخدام برنامج لتغيير الـ "IP" أو اخفاء الهوية:
عند الدخول إلى حساباتنا السرية فإنه من المفضل استخدام إحدى برامج إخفاء الهوية؛ مع ملاحظة مهمة جداً؛ يجب دائماً فتحها مع الحساب السري مثلاً حساب "Facebook"؛ وعدم نسيانها من فترة لأخرى لأنه عندها سيتم حظر حسابك أو منعك من استخدام ميزات ما. البرامج المجانية لهذا الغرض ليست بالكثيرة و أذكر مِنها: "Hotspot Shield – Expat Shield – Tor"؛ كلها يعمل بكفاءة، وهي برامج مجانية ولكن تحوي على إعلانات لتمويل البرامج؛ لكن "Tor" لا يحتوي على إعلانات وهو أفضل برنامج لإخفاء الهوية؛ ولكن هو بطيء بعض الشيء.
5 – استخدام برنامج لمسح آثار التصفح واستخدام الملفات من الجهاز:
أنصح باستخدام برنامج مجاني لهذه العملية إذ لم تكن من مُستخدمي الإنترنت المُتقدمين؛ يوجد العديد من البرامج المجانية ولكن الاختيار سهل من بينهم "CClean"؛ يوجد منهُ نسخة مجانية، و نسخة أخرى للاستخدام المنزلي وتكون مدفوعة. يقوم هذا البرنامج بتنظيف آثار التصفح والملفات التي تم استخدامها على الكومبيوتر؛ مما يجعل تعقب ما تفعله على الجهاز أمراً صعباً.

نظراً لحجب بعض المواقع برامجها عن سوريا أو حجب سوريا للمواقع؛ فإني جمعتُ كل البرامج التي تحدثنا عنها في مجلد واحد لتحميلها إن احتاج الأمر:
http://www.4shared.com/folder/VcvPc7aO/Programs.html
تم النشر في مجلة موالح؛ للذهاب إلى صفحة المجلة على الفايس بوك...

أنا وهوي 2


أنا وهوي 2:

- أنا:
مرحبا خيو، كيفك؟؟؟
- هوي:
أهلاً إستاذ، منيح أنا.
كيفك أنت؟
- أنا:
ماني منيح، زفت ومعصب
- هوي:
خير، خير طول بالك وحكيلي.
- أنا:
يا زلمة لك شو هاد
كل ما بضيف واحد على الحساب
بنطلي بالشات وببلش بدو مواصفات قال
على طول ولون ووزن و و و  والله مفكر حالي سيارة يازلمة.
- هوي:
أي عادي طول بالك عليهم.
والي مابيعجبك حكيو لا ترد عليه.
- أنا:
هيك عم أساوي، بس شايفلك مارح يبقى حدا عندي على الفايس
ولا إذا بآخر الحديث طلع الشب منيح ومهذب
- هوي:
أي
- أنا:
منتبادل الإيميلات هههههههه
وببلش طلب بها الصور كالعادة كمان.
بعطيهم صورة وجهين بجي و بقلي "هاي صورة وجهك!".
- هوي:
يااااااي، مورجي صورك للعالم كلها وموم ورجيني ياها!
أنا:
هس هلق، المهم بدهم صورة للجسم و إذا مو لابس شي بكون احسن.
ولما بقلهم ماعندي بسكروا بخلقتي.
و إذا رضي بصورة وجهي بقلي مو ستيلي. وااااااع.
- هوي:
لك إي طول بالك عادية الأمور، إلا ما تظبط شي مرة.
أنت لا بقا تضيف على عماها.
- أنا:
لك شو عادية! أحلى الشي شفتلك بروفايل لواحد
إحدى عشر قاعدة لتعرف إنك مو ستيلي...
حسيت حالي بشي درس قراءة؛ و إجا على بالي أطبش الجهاز.
- هوي:
ولي على طولي شو قواعد وما قواعد. هههه
- أنا:
لك اي صدق، من كثر ما سمعت هالكلمة صرت اشوفها بأحلامي
مو ستيلي، مو ستيلي.
- هوي:
لك يا زلمة شوقتني أشوفك
بس لشوف إنو لها القد بشع أنت. خخخخ
- أنا:
أيه الكل شاف الصورة ما بقيت عليك أنت.
- هوي:
أي هات لشوف.
- أنا:
أي ثواني اطالعها من الفلاشة.
هاي هي خود.
- هوي:
مممممم ظريفة الصورة
بس قلك شغلة كمان.
- أنا:
أي قول... خلصني...
- هوي:
أنت ظريف و مبين عليك كووول...
... ...
بس... مانك ستيلي...
- أنا:
%#@^%&*^ـٍأ&%*@*...........

تم النشر في مجلة موالح؛ للذهاب لصفحة الفايس بوك...

موالح يناير 2013

العدد الجديد من مجلة موالح متوفر الآن للقراء وللتحميل:
للقراءة: من هنا
للتحميل: من هنا، هنا، هنا
Mawaleh first Syrian LGBTQ magazine issued the new Jan2013 issue
or you can check the links above


22‏/12‏/2012

لقد أماتو قوس قزح

لقد أماتوا قوسَ قَزح

عِندما تأتي أحلامُ الحُرية، يأتي معها شياطينٌ تجعلُ منها بقايا في ركامٍ كانَ يوماً عجينة يُصنَعُ منها قوالب تلك الأحلام. فكما تستعجل النار في حرقِ ما في داخِلِها، فإنّ تلكَ الشياطين تَتَدافَعُ لحرقِ واستِهلاك كلّ من حولها، مُزيلةً كل السعادة التي من المُمكن أن نشعُرَ بِها بعد حلمٍ أتى مولوداً مِن بطنِ كوابيسَ عديدة، أرَّقَت وأبقت كُل حالِمٍ مُستيقظاً لفترةٍ طويلة.
لقد أتت تلكَ الأحلام واصطحبَت معها شياطينها إلى بلدي “سوريا”، ومن ثم نقلت العدوى إلى قريتي الصغيرة التي لم تحتمل فرحة تلكَ الأحلام فانفجرت كوابيساً إلى أن أصبحَ كل شيءٍ بها لا يُطاق، الحياة، والأزهار، وأوراق الشجر. فقد قُتِلَت الألوان، وماتَ قوسُ قَزَح، مع موتِ القانون واستلام من يدَّعونَ بأنهم “إسلاميون”؛ من تنظيمِ القاعِدة، إلى السلفيين، والوهابيين، عِندها بدأ تفشي مرض “هادا حرام، وهداك حرام”؛ بين الشعب نفسه؛ وتم بعد فترة من الزمن تشكيل ما يُدعى مخفراً بقيادة أحد قادة الفُرق والذي ينتمي لتنظيم القاعِدة. لم يُشكل المخفر أية مُشكِلة ولم يتصرف أي تصّرف طائش إلى أن انتشرَ فيديو بينَ شباب البلد، عِندها انقلبت جميع الموازين عمّا من المُمكن أن تفعلهُ هكذا جماعات إن استلمت المخفر لمدة طويلة – الذي تقودهُ الأحكام العرفية -؛ فما الذي من الممكن أن يفعلوه لو استلموا سلطة أعلى؟! الفيديو كان لشخص مثلي يمارس الجنس وقد تم تصويره من قبل الشخص الذي يمارس معهُ، أنا لا أعرفه شخصياً ولكني قد لمحتهُ عدة مراتٍ في الطريق؛ الفيديو كانَ مُصوراً لابتزاز الشاب، فهوَ كانَ يتلقى المال مقابِل الجِنس، تَم تهديده بواسطة هذا الفيديو، ولكن عندما لم يرضخ للتهديدات؛ انتشرَ الفيديو؛ وتم تناقلهُ بين الناس كما يتم تناقل الموضة على اليوتيوب – بل أسرع -؛ وَصلَ الفيديو إلى جوال أحد الذين يُعانون رُهاب المثلية، فأخذ الآخير ذلك الفيديو وأوصلهُ إلى جماعة المخفر “فاعل خير يا أخي”؛ عندها كانت المُصيبة؛ أرسلَ رئيسُ المَخفر شلة من ذوي اللِحى لإلقاء القبض على الشاب تحت تهديد السِلاح بتهمة “ممارسة اللواطة”، الفعل الذي يُحرمه الدين ووعدوا أيضاً بمحاربة الفِعل بكافة أشكاله…
بقيّ الشاب داخل زنزانة المخفر لمدة ولم يُسمع أي خبر عنهُ، صراحةً لا أحد أعرفهُ يعلم ما كان يَحصُل في الداخِل، إلا أنَ جماعة المَخفر كانت تخرُج كل يوم تقريباً لاعتقال عدد من الشباب الذين وبزعمهم اعترفَ هو بأسمائهم وعلى ممارسة الجنس “الشاذ” سوياً. وصل العدد إلى أكثر من ثلاثين شاباً على حسب آخر ما علمت، كانت تتم مُعاقبتهم على فعلهم والذي أطلقوا عليه “رجس” – بسبب أنهم كانوا هم من يأخذون دور الرجل -؛ بما يُسمى “الفلقة” وجزية يدفعها أو ما يدعونه بكفارة؛ ومن كان لا يستطيع دفع تلك الفاتورة كان يتم حبسه عوضاً عن ذلك لمدة أسبوع أو أقل لا أدري بالضبط، وهذا مع الإعلان بأن هؤلاء الناس مارسوا “اللواطة والشذوذ”، أما الشاب المُحتجز فلم أدرِ ما حَلَّ بِه أو ما مصيره فقد احتفظوا بِه لمدة طويلة، وكانَ كُل خوفي أن يطبقوا عليه الحكم الشرعي ألا وهوَ “الرجم”. لكن الأمور تدهورت سريعاً في قريتي الصغيرة، وبدأت جدران الواقع تتفَتح بِها، خرجتُ مِنها ولم يعُد يوجد أيّ اتصال بيني وبين من داخِلها، إلا أني استطعتُ بعد أسبوع من سماع خبر مُفادهُ بأنّ المخفر قد أفرَغَ المساجين بسبب القصف. لكني أتساءل للآن ماذا لو لم تَتَدهور الأمور؟ وماذا لو بقيّ الشابُ أسيراً عِندهم؟ وماذا لو طبقوا ما يَسمونَهُ بالحُكم الشرعي؟… و… و… و…
عِندما يكون الحلم واقِعياً جداً؛ ويأتي أحد ليوقِظكَ منه، تبدأ جدران الواقِع في تمزيقه عِندها لن تستطيع التمييز بين الخيال والواقع لدرجة الخلط بينَهُما. فعندما بدأت مسيرات الحرية في سوريا كُنا نحنُ المثليين يرسُمُنا الأمل، مُشارِكين فيها، مُنادينَ بِها، ومن أوائل الناس. فنحنُ نُريدُها ونفهمها أكثر مِن غيرنا فهي حق حُرِمنا مِنهُ منذُ الوِلادة، ولكن مع استِلام الإسلاميين السلطة الثورية وتوجه الثورة اتجاهاً دينياً جعلَ الكثير من الفئات تنظر للطرف الآخر، ومنهم الكَثير من المِثليين الذين أعرفهُم والذين يَعرفونَهم هُم، مع بقاء البعض ضمن التيار الثوري، ولكن أتساءل إلى متى؟ إلى متى قبل أن يعرفوا بمثليتهم ويحاسبوهم عليها ولربما لن يكون الآخرين محظوظينَ كذلكَ الشاب، أو من الممكن أن تبقى هويتهم سرية، ما أدراني أنا!…

صبحي نحّاس...
تم النشر في مجلة برا... للقراءة من موقع المجلة...

13‏/12‏/2012

شاب من كون مختلف


شابٌ مِن كونٍ مُختلفْ

نور معراوي
Nour Maarawi
sgayrights@gmail.com

جزء أول /طفولة/

مُنذُ مدة لم يَزُرني وحي الكتابة أو أن كتبت أي شيء يُقرأ أو فَكرت بشكل سَليم، فقد كُنت دائماً مشغول بِطردِ الأصوات الدخيلة والتي لا تنتمي لِعَقلي، لم أختَبِر أي شيء بِهذا الإحساس مِن قبل؛ أفكار، وخيالات، وكوابيس؛ جَميعُها يتصادم لِيُصبِحَ كياناً واحِداً داخِلَي، وأحياناً يتجَسدونَ بوجهِ طفلٍ مألوفٍ لي، لِيتكًلَمَ معي أحياناً، ويقودُني أحياناً لفعلِ أشياء لا يُمكن لي فِعلها بكامِلِ إرادتي، ولكني ما زِلتُ مسيطِراً ولو كانَ ما تبقى مِن دِماغي هُوَ العلية، فالوحوش قد احتَلت بقية الغُرَف، وحوش منِ كافِة الأشكالِ و الأحجام يتربصونَ مِن الزوايا المُظلمة مِنها والمنيرة جاهِزين للهُجوم. ما الذي حدثَ لي والذي جَعلني أخشى نفسي! لا أستطيعُ تذكر الكثير فكُل ذكرياتي تتسَكع عِندَ لحظة قد فصلت ذاتَ مرةٍ أوهامي من ابتلاعِ واقعي.
لقد كُنتُ طِفلاً، نعم، لقد كُنتُ مليئاً بالآمالِ و المواويلِ السعيدة، العالمُ كانَ مَلعبي و السَماءُ كانت صحني المُفضل لإغراق طاقتي السلبية. لقد كُنت طِفلاً هادئاً وَمُختلفاً عن الأطفال الآخرين؛ عن أخي و عن أصدقائي في المدرسة، و هذا جعَل مني وَحيداً في المرحلة الابتدائية طيلة فترة دراستي بِها؛ ما عدا فترة أتى بِها طِفل من خارج مدرستي أصبحنا بها أصدِقاء لمدة شهرٍ واحد ومن ثم كان علينا الافتِراق، نعم أستطيع تَذَّكُر هذا التفاصيل لأنهُ كان اتصالي الوحيد مع أي شخص طيلة المرحلة الابتدائية، بعدَ هذا الطعم الحلو من العلاقة الإنسانية كُل ما أذكرهُ هُوَ الإهانات و الدِماء. زُملائي عادةً ما كانوا يتنمرون علي لفظياً وفي بعض الأحيان يتطور الموقف ليتعدى اللفظ و يدخُل مرحلة إيذاء الجسد، أذكُر أنهُ في يوم من تِلك الأيام سقَطتُ طريحَ الأرض لأستيقِظَ بعدَها في مكتَبِ مُدير المدرسة مُدمَيً، ذلك الأخير الذي لم يفعل شيئاً سوى سؤالي و لومي على عدم قُدرتي على الرد عن نفسي، خرجُتُ مِن المدرسة بإجازة مرضية، لأذهبَ إلى البيت، حيثُ هُوَ بمثابة حُصنٍ أمين للأغلبية و لكن ليسَ لي، فبالنسبة لي كان كالزِنزانة و حارِسها كانَ أبي، في ذلِك اليوم هو أكملَ مهمة الصِبية، لفظياً و جسدياً، مُعتَقِداً بأنهُ و بفعلهِ هذا سيَجعَلُ مِني "رَجُلاً" و أني سأصبِح أكثرَ رَجولة، أو أن أتصرف بطريقة ذكورية – على حسب كتابه الذكوري -  أكثر مما أتصرف عليه مُسبقاً، أو أن أكون مثلَ أخي الصغير الذي كانَ ومازال يُفضله علي.
تصرُفات أبي لم تفدني بشيء بل جعلت من المُشكل أكبر حجماً، انغَلقتُ على نفسي لدرجة أني لم أعد أتفاعَل أو أتلكم مع أحد مِن عائلتي أو من أساتذتي في المدرسة. حياتي كانت كالجحيم و الطريق التي تسيرُ بِه لم يَكُن طريقاً جيداً، حيثُ أني الآن قد أنهيت المرحلة الابتدائية و دخلتُ المرحلة الاعدادية، عِندها أصبحتُ أكثر وعياً لِنفسي ولاتجاهاتي الجِنسية، في حينِها لم استطع التكلم أو أخذ النصح من أحد، لأني كُنتُ أشعر بأني بعيدٌ عن كُل ما هُو حي حولي، واعتقدتُ بأنَ ما أشعُر بِه ينتمي لي و موجود في داخلي فقط؛ كُنتُ أخبُر نفسي بأنهُ لا يوجَد أي شخص آخر على وجهِ الأرض يوجد عِندَهُ نفس الميول.
مَرَّت سنتان وكأنَهُما عشر دقائِق أمام نافِذتي الشتوية، لم يتغيَّر بِهما الكَثير، مازال بعضُ الصِبية للآن يمارِسون التنمر عليَّ، ولكن الآن أصبَحتُ أستطيعُ الرد إن لم يَكُن جسدياً فلفظياً،  عائِلتي لم تفعل شيئاً وهذا الشيء الذي لم أفهمهُ إلا لبعدِ فترة طويلة واستوعبتُ هَدَفهُ، لا أريدُ أن أكونَ درامياً هُنا، ولكن حياتي عِبارة عن مُسلسل درامي حيثُ المشاهد السيئة تَدعي نفسها على مائدة الحياة خاصتي...
كيفَ للأحداث أن تَتغيَّر ببساطة وبسهولة ضغط زر ما على جهاز تحكم؛ فَفي يومٍ أذكُر بِأنهُ كانَ ماطِراً، قَرَرتُ أن أشاهد بِه التِلفاز، كانَ عِندها يُعرض فيلم للأسف لا أستطيع ذكر اسمه، في ذلِكَ الفيلم شاهَدتُ أولَ مقطعٍ مِثلي، بِالطَبع المَشهد كانَ مقصوصاً، ولكن نظراتُهما كانت واضِحة لي – أعتقد أن المُمَثِلان كانا ماهِران – الترجمة لاحِقاً لبعض الكلمات لشخصيات أخرى كانت تَصِفُهُما كانَت "الشاذان"؛ في ذلِكَ اليوم عادَ بعضُ النور إلى حياتي، مُعتقِداً بيني و بين نفسي: "يوجَد أشخاص آخرين يَشعرونَ ويفكرونَ كما أفعل؛ ولِرُبما أكثر مما مِن المُمكن أن أتخيلَهُ مُمكِناً!." لِرُبما يضحك البعض أو يَتهمني بكوني غَبياً، لقد كُنتُ في الحقيقة غَبياً؛ في غيابِ أي مصدر لِلمعلومات من كُتِب، ومجلات، وحواسيب، وإنترنت، فكيفَ كانَ لي أو لغيري إذ كانَ مكاني أنَ يعرف أي شيء في مدينة صغيرة و بيئة عِدائية!. الكَلِمة "شاذ" أصبَحَت رمزي الأول، لم أكُن أدري حينها أني وقعتُ ضحية دعاية تضليلية لم أكن أعي وُجودها، في عام "2001" امتلكت أول جهاز حاسوب مع مودم للاتصال بالإنترنت بسرعة 56 كيلو بايت، كانتَ للإثارة في ذلك اليوم أن تَقتُلني، فقد كانَ ذلِكَ اليوم بمثابة بداية عصر جديد لي و لِمعرِفَتي، حيثُ أيضاً ماتَت طُفولتي مُفسِحةً المجال لمرحلة جديدة مليئة بالمُغامرات و الاكتشافات في البَدِء.

10‏/12‏/2012

ذكريات قسرية


ذكريات قسرية...
نور معراوي
Nour Maarawi


كُلما جالَستُ نفسي، استمعتُ إلى الموسيقى أو شاهدتُ فكرة ما تَخطُر على بالي، أجِدهُ بينَ مفاتيحِ البيانو، وفي كُل إطار لكل صورة، وفي داخل ذرات الأوكسجين الذي أستنشقه، كم أتمنى لو أنكَ كُنتَ هُنا... لا أريدُ العودة فقط في الذكريات، فإنها كشريط الفيديو تضمحلُ يوماً بعدَ يوم، مع إني أحتِفلُ بعيد ميلادِكَ يومياً إلا أنَّ ذِكراك ما زالت تختفي...
إني أفتقدك، كما أفتقد صوتَ الجرس عِندما تكون أنت، وصوتَ خطواتكَ و أنتَ تقترِب من بابِ غُرفتي، نعم إني أستطيع العودة إلى تلك التفاصيل، عندها تختلطُ عندي الخيالات و يُصبِحُ شبَحُكَ حقيقة لدقيقة، يَنظُرُ لي من زاوية الغُرفة حيثُ استلقي مُحاولاً النومَ لأحلُمَ بِك ومن ثُم أستيقظ لكي لا أجِدك بجانِبي، لم أعد أريدُ سماع صوتَ الهاتف، ولا صوتَ الجرس، ولا رؤية أشعة الشمس، فإنكَ أنت من علَّمتني كيفَ أحِبُ هذه الأشياء، وصحيحٌ أني وعدُتُكَ بأن لا أستسلم، ولكني أتمنى لو أنكَ معي.
لقد كُنتَ أنت من أخبروني بأنَهُ مريض، نعم لقد كُنتَ أنت من كانَ على سريرِ الموت، ولم يكُن بيدي حيلة أشاهِدُكَ و أنتَ تستلِم لخلايا جِسمك التي ثارت ضِدك، لو إني استطعتُ قتلها أو نفيها، فإني أفتقدُكَ كما تفتَقِدُ الأم وليدها، والشجرة تُربتها، لم يكُن بيدي حيلة... تعالَ وأنضم لي في الحياة، أو سآتي وأنضم لك في الموت، لأني لستُ مستعدٌ لقول الوداع فاليوم كُنت سَتُصبِح في السادسة و العشرين، وهذا الصمت يبتلِعُني وَيَقودُني إلى بابِ بيتِك حيثُ أدق وأدق و أنتظِرُ حابِساً أنفاسي لكن ما من مُجيب أو سيطرة على دموعي، فلا، لم يعُد هنالكَ شيءٌ سوى أنا و حبي لك الذي لم ولن يمت.
تعالَ واستلقِ معي فمن الصعب عدم الهلوسة بشبحك قبل وقت نومي، كي أحافِظَ على عقلي منَ الجنون و الهُروب سَمَحتُ لَهُ بالإيمان بأشياء لم أكن أفعل سابِقاً، فكم من المَرات يُمكِنُني أن أذكُرَك قبلَ أن تموتَ ذِكراك؟ أو أن أتكلَمَ معكَ قبل أن أفقدَ صوتي للصُراخ؟ أو أن أراكَ قبلَ أن يذهبَ بصري للبُكاء؟ فلمساتُك لم تعُد تهَّوِن مأساة ذاتي المُهَمشة، و الكونُ بدأ بإكمال طحنِه لمشاعري لِيستخدِمها كبارود ليحرقني بِهِ حياً، و يستخدمُ رمادي لوناً أسوداً ليصبُغَ روحي مِن حُبكَ المُحتاج داخِل كياني و صورَتي الميته.